مسكين الدارمي و ذاتِ الخِمارِ الأسود

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
:2h9:


من حكايا العرب يُروى أنهُ قدمَ بعضُ التجارِ إلى المدينةِ المنورةِ و معهُ حِملٌ منَ الخُمرِ السّودِ, فَلَم يجد لها طالباً و لا شارياً,فكسدت عليهِ و ضاقَ صدرُهُ,فقيلَ لهُ: ما يُنفِقُها لكَ إلا مِسكينِ الدّارمِي و هو من مُجيدي الشعراء الظرفاءِ. فقصَدهُ فَوَجدهُ قَد تزَهَّدَ و انقَطَعَ في المَسجِدِ, فَأتاهُ و قَصَّ عليهِ القِصّةَ.
فَقال لَهُ مِسكين: و كيفَ أعمَل و أنا قَد تَرَكتُ الشِّعرَ و عَكفتُ على هذهِ الحال!
فقالَ لهُ التاجرُ: أنا رجلٌ غريبٌ, و ليسَ لي بِضاعةٌ سوى هذا الحِمل, و تَضَرَعَ إليهِ, فَخَرَجَ منَ المسجدِ و أعادَ لباسهُ الأولَ و عملَ هذه الأبياتِ و شهرها, و هي:
قُل لِلمَليحَةِ في الخِمارِ الأسودِ**ماذا فَعَلتِ بِناسِكٍ مُتَعَبِّد
قَد كانَ شَمَّرَ لِلصلاةِ ثِيابَهُ**حَتّى قَعَدتِ لهُ بِبابِ المَسجِد
رُدِّي عَليهِ ثِيابَهُ و صَلاتَهُ**لا تَقتُليهِ بِحَقِ دينِ مُحَمَّد!
فَشاعَ بَينَ الناسِ بِأنَّ مِسكيناً الدارمي قَد رجعَ إلى ما كانَ عليهِ, و أحبَّ واحدةً ذاتَ خِمارٍ أسودٍ, فَلَم يَبقَ في المَدينَةِ ظَريفَةٌ إلا و طَلبَت خِماراً أسوداً!
فَباعَ التاجرُ الحِملَ الذي كانَ معهُ بِأضعافِ ثَمَنِهِ,لكُثرَةِ رَغباتِهِم فيهِ, فَلَمّا فَرغَ مِنهُ عادَ مِسكينُ إلى تَعَبُّدِهِ و انقِطاعِهِ ^_^​