مفهومُ التعاونِ..قراءتي الخاصة

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1

مِنَ التاءِ إلى النونِ تَبدَأُ رِحلَتي و أهِيِئُ فِكرَتي و أنثُرُ ما بِجُعبَتي لِلنَسجِ على مِنوالِ ما سبَقني بهِ المُفَكِرونَ. و إن خَلَت مقالَتي مِن وَقَفاتٍ تأريخيةٍ أو تجاربَ عمليةٍ فإنَني أكتُبُ مِن عُصارَةِ ذهني و ألتزِمُ شَيئاً منَ السَجَعِ إسلوباً أميلُ إلَيهِ عساهُ يكونُ مُحَبَباً و يَستَسهِلُهُ الآخرون. و إن كنتُ لَأحتارُ كيفَ أَلِجُ بابَ التَعريفِ بِهذا المُصطَلَحِ الواسِعِ المَعنى و هَل أُفلِحُ في إيصالِ رسالَتي المُتَوَخاةِ مِن هذا النَثرِ المُنتَهيَةِ فقراتِهِ بإسلوبٍ مُنَظَمٍ شِبهَ مَوزون. فأقولُ: كانتِ الحاجةُ إلى التَعاونِ منذُ بدءِ الخليقةِ و ما زالَتِ الحاجةُ إليهِ ضرورةٌ لا بُدَ مِنها قَد وعاها السابِقونَ و أدركها المعاصرونَ و لا ريبَ سائرٌ عَلَيها اللاحقونَ. فَفي تَحصيلِ الطعام كانَ هناكَ زارِعاً للنباتِ و الآخرُ حاصِداً لَهُ،و ثالِثٌ يَصنَعُ مِنهُ طعاماً يَسُدُ جوعةَ لبُطونِ. و فِي كافةِ مناحي حياةِ السِلمِ كانت هناكَ يَدٌ تُرفَع تَسنُدَها يَدٌ يَعضِدُها رَأيٌ يُهَيِئُ لَها أرضِيَةً تَقومُ علَيها يَدٌ أخرى و تَتَعَدَدُ الأيادي و يَكثُرُ المُتَعاوِنونَ. و في أوقاتِ الحَربِ كان يُرتجى من الشبيبةِ الإقدامَ و التَضحيةَ، و مِن أولي الشَيبَةِ الرأي و المشورةَ بِحكمِ التَجرُبَة، و مِن العاجزينَ عن تقديمِ إحداهُما ينحصِرُ واجبَهم بالدعمِ و التَشجيعِ خلفَ الصفوفِ أو في البيوتِ بأقلِ ما يُمكِن إعتبارُهُ مِن قُبَيلِ العَون. و ما قامتِ الأممُ و نواتُها الأولى مِن أُسَرٍ و تجمعاتٍ صغيرةٍ إلا على هذا الأساسِ حقيقةً تأكَدَت مِن مصادرِ التأريخِ و أنهَت كلَ شكٍ و ظنون. فَفي التعاونِ يَسهُلِ العسيرُ و يقلُ الكثيرُ و يقربُ البعيدُ و يُنجَزُ المُستَحيلُ و شتّان ما بينَ ناتِجِ عَمَلِ الأفرادِ و ما يُتِمُه المُجتَمِعونَ. و هَل بِغَيرِ التَعاوِنِ شُيِدَ سورُ الصينِ العظيمِ،و هَل بِسِواهُ شيئٌ آخرٌ بُنِيَت على أساسِهِ الإهراماتُ الأثَرُ الخالِدُ عَبر القُرون. و لَستُ في مَعرِضِ إيرادِ أدِلَةٍ أوِ الإسهابُ في ذِكرِ أمثِلَةٍ، و إنَما إختَرتُ مِنها ما كانَ مَجهودُهُ كبيراً و أثرهُ قَد عُمِرَ طَويلاً فَأينَ المُشَكِكون؟. و بِالتَعاوِنِ تَتَجَسَدُ حقيقةَ التَكافُلِ و تَبادُلِ الخِبراتِ و التَنسيقِ في إستغلالِ الأمكانياِتِ و هذا مَعلومٌ سَلَفاً كما تَعرفون. فَلَدَيَ ما ليس لِغَيري و لِغَيري ما أفتَقِرُ إلَيهِ، فَما ضَرُ لَو تَحَقَقَ التَعاونُ و كُلُنا يَحوزُ على ما عَجِزَت عنِ الوصولِ إليهِ كِلتا ساعِدَيهِ. إنهُ سُنَةٌ كَونيةٌ و ضَرورَةٌ عَمَلِيَةٌ تُحَقِقُ المنفَعَةَ البَشَريَةَ قديماً و حديثاً ما زالَت مَطمَحِ الجَميعِ و إلَيها يَتَسابقون. و ما نَراهُ اليَومَ مِن تَكَتُلاتٍ إقتِصاديةٍ و إتحاداتٍ إقليميةٍ و أخرى قَوميةٍ أو دينيةٍ ما غايتُها إلا الإستزادة مِما تَدُرُهُ عليهم هذه التجربةُ التي تَفوقُ ما يَتَحَصَلونَ عَلَيها لَو كانوا أشتاتاً و عَنِ الوِحدَةٍ سَيَنفِرون. ألَم يَحِثُ القُرآنُ الكريمُ على التَعاونِ، و قَرَنَهُ بِشَرطِ البِرِ و التَقوى لا الإثمِ و العُدوانِ و إثارةِ الضَغائِن. و لَو تَمَ تَطبيقُ مفهومَهُ اليَومَ بِحّافيرهِ،و جَنَتِ البَشَريَةُ جمعاءَ مِن آثارِ تَدابيرِهِ،إذا لَما بَقيَت هناكَ بطونٌ خاويةٌ،و لا أكبادٌ ظامِئَةٌ،و لا أجسادٌ عاريةٌ،و لا كرامةٌ مُهدَرَةٌ، و لأضحى الكُلُ في هذا الكَوكَبِ سَواسِية. فَمَتى يَصدُقُ الدُعاةُ إلَيه و يَتَنَكرونَ لِلذاتِ، و يَتَفانَونَ في تَقديمِ مصالِحِ الشعوبِ على الأنانياتِ. إنَهُ حُلُمٌ وَرديٌ نَتوقُ إلَيهِ،و بابٌ لِلخَيرِ نَتَمَنى لو يُفتَحُ على مِصراعَيهِ، إذاً لَشُيِدَت لِلمثالِيَةِ صُروحُها مِن جَديدٍ، و لأصبَحَت أيامُ البشَريةِ كُلَها فَرَحٌ و عيد، فأينَ مَن يَحرِص على إقامةِ هذا المَجدِ التَليدِ؟!
مع أطيبِ الأأمنياتِ

أخوكم: وعـد
21/8/2013
 
التعديل الأخير:

طوق الياسمين

مشرف عام
طاقم الإدارة
#2
رد: مفهومُ التعاونِ..قراءتي الخاصة

التضامن قيمة أخلاقية و شعور وواجب إنساني نبيل لا يمكن أن يؤمن به ويتحلّى بخصاله إلا من كانت له شخصية مفعمة بالإنسانية وبالحسّ الاجتماعي المرهف وهو علاقة اجتماعية ورباط بين الأفراد والمجموعات,وهو علاقة حضارية بين الأفراد.

الف شكر ع المعلومااااات الرائعه.. ف ميزان حسناتكم..اخي وعد
 

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#3
رد: مفهومُ التعاونِ..قراءتي الخاصة

منورة الموضوع أختي سلوى بطيب تفاعلك و روعة مرورك و إبداء رايك..أسعدني تواجدك العطر..مودتي و تقديري لك..شكرا لك:hh10 :
 
التعديل الأخير: