فيروز.. ثمانون عاماً من عزف السعادة

طوق الياسمين

مشرف عام
طاقم الإدارة
#1



أتي الصباح ناقصاً من دون صوتها. لا تكتمل ساعته من دون ترنيمة موسيقية عذبها من حنجرتها الخلابة بإحساس أقل ما يقال فيه إنه "رائع". لم نرث شيئا عن آبائنا سوى سماعها عند ساعات الصباح الأولى لنبدأ يومنا بكثير من التفاؤل. وعلى مدى ستين عاماً من الحب، منحتنا فيروز قيثارة لا تتوقف عن العزف بالسعادة. وها نحن نحتفل بعيدها الثمانين مع تمنيات بأن لا نفقد قريباً آخر أعمدة الموهبة الصادقة في عالمنا العربي.

تسكن فيروز في منزلها في منطقة الرابية اللبنانية. لا يراها سوى عدد قليل من الناس أبرزهم ابنتها ريما الرحباني. وتعيش حياة بسيطة ، حيث تمارس رياضة المشي يومياً عند الفجر. تعتمد سفيرتنا إلى النجوم التسريحة البسيطة والأزياء المريحة في حياتها اليومية. تأكل الأطعمة الصحية. تتابع البرامج الفنية والسياسية ونشرات الأخبار بعد أن تقرأ الصحف اليومية التي ترسل إلى منزلها.

ولدت فيروز، أو نهاد حداد، في لبنان في 21 تشرين الثاني – نوفمبر عام 1935، وأصل والديها من ماردين السورية السريانية الأصل. عاشت فيروز في أسرة بسيطة داخل بيت مؤلف من غرفة واحدة. وعشقت الغناء منذ نعومة أظافرها. كانت تسترق سماع الأغاني على الراديو من عند الجيران كما تقول. تحفظ ما تسمعه من أغاني لترددها في اليوم التالي حتى ينزعج الجيران من غناء أغنيات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب دون أن تدري بأن القدر يخبأ لها لقاء هؤلاء العمالقة!.

كانت بداية مسيرتها الفنية عندما اكتشفها في المدرسة ملحن النشيد الوطني السوري، إلا أن والدها المحافظ رفض فكرة غناء ابنته، لكن فليفل نجح في إقناعه بعد أن أكد له أنها لن تغني سوى الأغاني الوطنية. من بعدها درست فيروز الموسيقى في المعهد الوطني للموسيقى ثم حققت حلمها بالالتحاق بفرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية لتصبح معنية في الكورس.

ألف لها مدير الاذاعة اللبنانية في حينها حليم الرومي أول أغانيها لتكون انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن عندما اكتشفها عاصي الرحباني فبدأت شراكتهما الفنية، حيث حمل صوتها أفكار الأخوين الرحباني، فأحدثت أغنياتها ثورة في الموسيقى العربية بسبب قصر مدتها وبساطتها وقوة معناها.

تزوجت فيروز من عاصي الرحباني عام 1955 وأنجبا أبناؤهما الأربعة: زياد، هالي، ليال وريما لتتطور بذلك أواصر العلاقة الفنية أكثر فازداد نجاح فيروز مع الرحباني بعد تقديم أكثر من 15 مسرحية موسيقية التي تنوعت مواضيعها بين نقد الحاكم والشعب وتمجيد البطولة والحب مثل مسرحية "ميس الريم".

وأيضا لعبت فيروز بطولة ثلاثة أفلام سينمائية هي "بياع الخواتم"، "سفر برلك"، و"بنت الحارس". وغنت للعديد من الشعراء والملحنين بعد أن قدمت أكثر من ستين ألبوم، وغنت لمدن العالم العربي حتى اعتبرت أغنيتها "زهرة المدائن" أحد أشهر الأغاني العربية المهداة للقضية الفلسطينية، فأطلق على فيروز بعد هذا النجاح العديد من الالقاب مثل "سفيرتنا إلى النجوم"، "جارة القمر"، "أسطورة العرب"، "ياسمينة الشام"، "ملكة الغناء العربي"، "عصفورة الشرق"، "الصوت الساحر"، "سيدة الصباح"، "صوت الأوطان" و"الصوت الملائكي".

وبعد وفاة زوجها عاصي الرحباني، عملت فيروز مع ابنها زياد الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة. وفي عام 2010 فاجأت فيروز جمهورها بعمل ألبوم غنائي بعنوان "ايه فيه أمل" الذي ضم 12 أغنية، بعد توقفها عن الغناء لعدة سنوات، وقد حقق الألبوم نجاحا مدويا في العالم العربي. الا أن هذا أيضا لم يجعلها في قلب المشهد الفني، حيث قررت بعد وفاة زوجها الابتعاد عن الساحة الفنية لتطل عليها من وقت الى آخر لتروي اشتياق الناس اليها.