سَنواتٌ مِنَ الظَّلامِ و المَصيرُ مُبهَمُ**و بَغدادُ تَسبَحُ في الدَّمِ و تَتَأَلَمُ
و لَونُ الحِدادِ غَطّى كُل أزِقَتِها**فَالنَّهارُ عَبوسٌ و اللَّيلُ مِنها مُعتِمُ
و سَرادِقُ الحُزنِ ما بَرَدَت قَهوتُها**و لا خَبَت نارَها يَوماً إلّا و تُضرَمُ
يا شُؤمَ مَنظَرِهِ العِلجُ يَومَئِذ وَلِجَ**أسوار بَغدادَ غازِياً و الجُرمُ أعظَمُ
فَأَيُّ دُموعٍ احتَبَسَها المَنصورُ سِراً**في مَرقَدِه و الرُّومُ لِعَرينِهِ تَقتَحِمُ
وَ أَيُّ فَجيعَةٍ ساقَها الغَربُ إلَينا**إذ خَلَّفوا وَراءَهُم بَلَداً بُنيانَهُ مُحَطَّمُ
لَم تَشفَعِ العَشرُ العِجافُ مِنَ السِّنينِ**في أن تَمحوا أثَرُ الجِراحِ و تُبَلسِمُ
و ما زالَ العَويلُ صَوتاً نَألَفَهُ**عَلى كَثرَتِهِ لَم نَعُد نَتَأفَفُ مِنهُ و نَتَبَرَّمُ
و أرضُ السَّوادِ عادَ الوَصفُ ثانِيَةً**سَوادُ لَيسَ كالذي في الأذهانِ يُفهَمُ
و ماءُ الفُراتَينِ مُجَّ في الفَمِ مَذاقُهُ**كَأنَّما خالَطَ ماءَهُ الدَّمعُ و الدَّمُ
عِراقٌ لِلأرامِلِ صِرتَ مَوطِناً**و حِيثُما يُمِمَتِ الأنظارُ فِيكَ يُرى اليُتَّمُ
لا أُخفيكَ سِرّاً إن أرَدتَ صَراحَتي**إنِّي لَأكرَهُ الليلَ مِنكَ حينَ يُقدِمُ
و لا يَهدَأُ رَوعِيَ إلا مُصبِحاً**إن لَم تُعَكِرَهُ الأنباءُ بِما لِلروحِ يُكلِمُ
سَتَبقى رَزِيَتُكَ لِلأجيالِ تُبكِيَهُم**أنّى تَقِرُّ العَينُ و بَغدادَكَ تَنهَشَهَا الأُمَمُ
لا أُرى شَطَطاً إن قُلتُ مِلءَ فَمي**أنَّ مَن لَم يَبكيكِ.إنتِماءَهُ إلَيكِ يُحَرَّمُ
()()()()()
"فارس بلا جواد"
الأربعاء, 09 نيسان, 2014
و لَونُ الحِدادِ غَطّى كُل أزِقَتِها**فَالنَّهارُ عَبوسٌ و اللَّيلُ مِنها مُعتِمُ
و سَرادِقُ الحُزنِ ما بَرَدَت قَهوتُها**و لا خَبَت نارَها يَوماً إلّا و تُضرَمُ
يا شُؤمَ مَنظَرِهِ العِلجُ يَومَئِذ وَلِجَ**أسوار بَغدادَ غازِياً و الجُرمُ أعظَمُ
فَأَيُّ دُموعٍ احتَبَسَها المَنصورُ سِراً**في مَرقَدِه و الرُّومُ لِعَرينِهِ تَقتَحِمُ
وَ أَيُّ فَجيعَةٍ ساقَها الغَربُ إلَينا**إذ خَلَّفوا وَراءَهُم بَلَداً بُنيانَهُ مُحَطَّمُ
لَم تَشفَعِ العَشرُ العِجافُ مِنَ السِّنينِ**في أن تَمحوا أثَرُ الجِراحِ و تُبَلسِمُ
و ما زالَ العَويلُ صَوتاً نَألَفَهُ**عَلى كَثرَتِهِ لَم نَعُد نَتَأفَفُ مِنهُ و نَتَبَرَّمُ
و أرضُ السَّوادِ عادَ الوَصفُ ثانِيَةً**سَوادُ لَيسَ كالذي في الأذهانِ يُفهَمُ
و ماءُ الفُراتَينِ مُجَّ في الفَمِ مَذاقُهُ**كَأنَّما خالَطَ ماءَهُ الدَّمعُ و الدَّمُ
عِراقٌ لِلأرامِلِ صِرتَ مَوطِناً**و حِيثُما يُمِمَتِ الأنظارُ فِيكَ يُرى اليُتَّمُ
لا أُخفيكَ سِرّاً إن أرَدتَ صَراحَتي**إنِّي لَأكرَهُ الليلَ مِنكَ حينَ يُقدِمُ
و لا يَهدَأُ رَوعِيَ إلا مُصبِحاً**إن لَم تُعَكِرَهُ الأنباءُ بِما لِلروحِ يُكلِمُ
سَتَبقى رَزِيَتُكَ لِلأجيالِ تُبكِيَهُم**أنّى تَقِرُّ العَينُ و بَغدادَكَ تَنهَشَهَا الأُمَمُ
لا أُرى شَطَطاً إن قُلتُ مِلءَ فَمي**أنَّ مَن لَم يَبكيكِ.إنتِماءَهُ إلَيكِ يُحَرَّمُ
()()()()()
"فارس بلا جواد"
الأربعاء, 09 نيسان, 2014