قصة عبيد بن الأبرص مع شجاع من الجن

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
:02:

أحبتي في منتدى حب العرب, تحية طيبة و بعد. من حكايا الجان روى القاضي يحيى بن أكثم فقال: دخلتُ يَوماً على هارونِ الرَّشيدِ و هو مطرقٌ مفكرٌ, فقالَ لي: أتعرفُ قائلَ هذا البيتِ:
ألخيرُ أبقى و إن طالَ الزَّمانُ بهِ**و الشَّرُ أخبَثُ ما أوعَيتَ مِن زادِ
فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ, إنَّ لهذا البيتِ شأناً مع عَبيد بن الأبرص! قالَ فأخبرني عنه. فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ حدثَ عبيد فقال:
كنتُ في بعضِ السِّنين حاجاً, فلما تَوَسَطتُ البادِيَةَ في يومٍ شديدِ الحّرِّ سَمِعتُ ضَجّةً عظيمةً في القافلةِ ألحَقَت أوَّلَها بِآخِرِها, فسَألتُ عنِ القصةِ, فقالَ ليَ رَجلٌ منَ القَومِ: تَقَدَّم تَرَ ما بِالناسِ. فَتَقَدمتُ إلى أوَّلِ القافِلَةِ فَإذا أنا بِشُجاعٍ _و هو الذَّكَرُ مِن الحَيّات_ أسودٍ فاغِرَ فاهُ كَالجِذعِ, و هو يَخورُ كَما يَخورُ الثَّورُ,و يَرغو كَرُغاءِ البَعيرِ, فَهالَني أمرُهُ و بَقيتُ لا أهتدي إلى ما أصنَعُ, فَعَدِلنا عَن طريقهِ إلى ناحيةٍ أخرى,فَعارَضنا ثانِيَاً, و لَم يَجسُر أحدٌ منَ القَومِ أن يَقرَبَه, فقلتُ أفدي هذا العالمَ بِنَفسي, و أتَقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى بِخلاصِ هذه القافلَةَ مِنهُ.
فَأَخَذتُ قِربَةً مِنَ الماءِ فَتَقَلَّدتُها و سَلَلتُ سَيفي, فَلمّا رآنيَ قَرُبتُ منهُ سَكَن, و بقيتُ متوقعاً منهُ وَثبَةً يَبتَلِعَني فيها, فلمّا رأى القِربةَ فتحَ فاهُ, فَجعلتُ فَمَ القِربَةِ في فيهِ, و صَبَبتُ الماءَ كَما يُصَبُّ في الإناءِ, فَلَمّا فَرغتِ القِربَةُ تَسَيَّبَ في الرَّملِ و مَضى, فَتَعَجَّبتُ مِن تَعرضهِ لنا و انصرافِهِ عنّا مِن غَيرِ سوءٍ لَحِقَنا, و مضينا لِحَجِّنا.
ثُمَّ عُدنا في طَريقِنا ذلكَ,و حَطَطنا في منزلنا ذلكَ,في لَيلَةٍ مُظلِمَةٍ مُدلَهِمَّةٍ,فَأَخذتُ شَيئاً مِنَ الماءِ و عَدِلتُ إلى ناحِيَةٍ عنِ الطريقِ, فَأخَذَّتني عَيني فَنِمتُ مكاني, فَلَمّا استَيقَظتُ منَ النَّومِ لَم أجِد لِلقافِلَةِ حِسّاً, و قدِ رتَحَلوا و بقيتُ مُنفرداً لَم أرَ أحَداً, و لَم أهتَدِ إلى ما أفعَلُهُ, و أخَذَتني حيرةٌ و جعلتُ أضطَرِبُ, و إذا بِصَوتِ هاتِفٍ أسمَعُ صَوتَهُ و لا أرى شَخصَهُ يَقولُ:
يا أيُّها الشَّخصُ المُضلُ مَركَبهُ**ما عِندَهُ مِن ذي رَشادٍ يَصحَبُهُ
دونكَ هذا البَكرُ مِنّا تَركَبَهُ**و بَكرُكَ المَيمونِ حَقّاً تَجنَبَهُ
حَتّى إذا ما الليلُ زالَ غَيهَبُهُ**عِندَ الصَّباحِ في الفَلا تُسَيِّبَهُ
_و البَكرُ هو البعيرُ_
فَنَظرتُ فَإذا بِبَكرٍ قائِمٍ عِندي و بَكري إلى جانِبي, فَأَنَختُهُ و رَكِبتُهُ, و جَنَّبتُ بَكري,فَلَمّا سِرتُ قَدَرَ عَشرَ أميالٍ لاحَت لِيَ القافِلَةُ, و انفَجَرَ الفَجرُ, و وقفَ البَكرُ, فَعلمتُ أنهُ قَد حانَ نزولِيَ و تَحَوَّلتُ إلى البَكرِ, و قلتُ:
يا أَيُّها البَكرُ قَد أنجَيت مِن كَربٍ**و مِن هُمومٍ تَضِلُ المُدلِجَ الهادي
ألا فَخَبِّرني بِاللهِ خالِقاً**مَن ذَا الذي جادَ بِالمَعروفِ في الوادي
و ارجَع حَميداً فَقَد بَلَّغتَنا مِنَنا**بورِكتَ مِن ذي سنامٍ رائِحٍ غادي
فَالتَفَتَ البَكرُ إلَيَّ و هوَ يَقولُ:
أنا الشُّجاعُ الذي ألفَيتَني رَمِضاً**و اللهُ يَكشِفُ ضُرَّ الحائِرِ الصّادي
فَجُدتَ بِالماءِ لَمّا ضَنَّ حامِلُهُ**نِصفَ النَّهارِ على الرَّمضاءِ في الوادي
الخَيرُ أبقى و إن طالَ الزَّمانُ بِهِ**و الشَّرُ أخبَثُ ما أوعَيتُ مِن زادِ
هذا جَزاؤُكَ مِنّا لا يُمَنُّ بِهِ**لَكَ الجَميلُ عَلَينا إنَّكَ البادي!
فَعَجِبَ الرَّشيدُ مِن قَولِهِ, و أمَرَ بالقصةِ و الأبياتِ فَكُتِبَت,و قال: لا يَضيعُ المعروفُ أينَ وُضِع.
مع أطيب الأمنيات:[lok:
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#2
رد: قصة عبيد بن الأبرص مع شجاع من الجن

:hh14 ::hh14 ::hh14 :
شكرا عل القصه الشيقه
 

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#4
رد: قصة عبيد بن الأبرص مع شجاع من الجن

منورين الموضوع أخواتي الغاليات..أسعدني تواجدكم العطر..شكرا لكم.:hh12 :
 

يويا

مراقبة الاقسام الفنية
#5
رد: قصة عبيد بن الأبرص مع شجاع من الجن

يسلموووع طرح رائع
بانتظار جديدك:hh14 :