كل اناء بما فيه ينظح......

امير النجوم

مشرف سابق
#1
النظرية العقلية الأخلاقية التجاهل يؤدي إلى الجهل ، والتجاهل يعني عدم الرغبة بالمعرفة ، وعدم الرغبة بها بحد ذاته استكبارٌ على الحقيقة وعلى الآخرين ، ومن هنا نفهم العلاقة بين التكبر والغباء و الجهل و سوء النية وضعف المنطق وحب التسلط وتضخيم الأنا ..



إذن الاختيار بين النجدين هو المسؤول عن الذكاء والغباء ، وليست محددات جينية أو غير جينية .. إنسانٌ تكبَّرَ .. واحتقرَ .. و نأى بجانبه .. فأصبح لا يعرف الواقع ،


{قالوا قلوبنا غلف}


{لا نفقه كثيراً مما تقول}


{قست قلوبهم فهي كالحجارة}


{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}


{وفي آذانهم وقر}


{عتل بعد ذلك زنيم} ،


أي أن التفاهم معه صعب ، و كل ما سبق هي صفات للضعف العقلي والجهل وقلة الحكمة ..


سببها عدم اختيار الخير كخط حياة مقابل المصلحة المادية المؤدية للشر والجهل إذا اختيرت وحدها ..



قال تعالى {وأعرض عن الجاهلين}


، لماذا الجهل أصبح صفة سيئة؟



لأنه يشير إلى عدم اهتمامهم أصلاً بأن يعرفوا ، فأصبحوا جاهلين ..


التكبر لا يؤدي إلى علم بل يؤدي إلى جهل


، لهذا سمى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن هشام بأبي جهل؛ لتكبـّره ،


فالتكبر يفضي إلى حمق السلوك و ضعف التصور وعدم الواقعية ،


لأنه بطر للحق، أي رفضه ، والعقل السليم يـُبنى على الحقائق كلها دون انتقاء ..


الجهل البريء هو لعدم وجود ظروف متاحة للمعرفة ، لكن الجهل الاختياري هو بتجاهل المعرفة و عدم الرغبة فيها اختياراً ، والتقليل من شأنها تبعاً لهوى النفس ، وهكذا التعصب ينتج جهلاً و ليس العكس .. كل المساوئ العقلية تنتجها المساوئ الأخلاقية ..


إنسان ساء خلقه فأصبح غبياً وجاهلاً وغير منطقي وغير دقيق ، أي : ساء خلقه فساء عقله .. و سوء الخلق مرتبط بالاختيار ، فالاختيار الحقيقي ينتج عقلاً حقيقيا ..


والاختيار الصناعي غير الأخلاقي ينتج عقلاً مزيفاً وغير قادر على مواجهة العقل الحقيقي ، ولا دخل للبيولوجيا ولا عمل الدماغ ..


بيدك إذن أن تصبح ذكياً أو غبياً ، جاهلاً أو متعلماً ، حكيماً أو أحمقاً {يؤتي الحكمة من يشاء} .. الخير يقود إلى العقل السليم وليس العكس ، والعقل السليم في الاختيار الأخلاقي السليم وليس في الجسم السليم كما يقولون! بل إن الجسم السليم أيضاً مع الاختيار السليم ، لأن الصحة مع الحكمة ، والمرض بشكل عام مع الحمق في تقارب ..




لهذا سموا الطبيب حكيماً .. إنها النظرية العقلية الأخلاقية لتفسير القدرات العقلية و تفاوتها بين الناس والآراء و صواب الرأي والحكمة ، والحكمة دائماً ملازمة لذوي الأخلاق العالية .. وكذلك العلم الحقيقي .. وإلا فكيف يتوعد الله الجاهلين؟ ألا يـُعذرون بجهلهم؟ إنه الجهل المقصود لذاته، وليس الخارج عن الإرادة



.. قال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} ،



أي أن الحمية هي من أنتج الجهل ، و ليست العزلة هي التي تنتج التعصب ، بدليل وجود متعصبين متطرفين في أكثر البيئات انفتاحاً على العالم ، ووجود عقول منفتحة في أكثر البيئات انغلاقاً .. وهذا يشير إلى الاختيار و أنه سبب عدم تطابق البشر على شيء واحد .. حتى لو كانوا في نفس البيئة .. من لا تهمه الحقيقة هو غير مهتم بالخير ، لأن الحقيقة تعني وضع الامور في نصابها و انصاف المظلوم ، واعطاء من يستحق ما يستحق ..



إذن أساس كل شيء جميل في الإنسان هو أن يحب الحق و الخير والجمال كخيار وحيد ، سيدفعه هذا الحب للتقدم والتطور شيئاً فشيئاً إلى أن يجد ضالته ويعرف ربه وجدوى وجوده، و من بحث عن شيء وهو جاد طول عمره فسوف يجده ..


كما قال أبو العتاهية : وإن امرؤ قد سار خمسين حجة .. إلى منهلٍ ، من وِرده لقريب الخير يوصل إلى الحكمة وإلى العقل المحكم وإلى الله .. وليس العقل ولا المعرفة ولا الثقافة هي التي تأتي بالخير لك ، بل العكس تماماً هو الصحيح ..


طلبك الخير هو الذي يجعلك عاقلاً حكيماً وعارفاً .. وكثرة الثقافة و القراءة ليست شرطاً أن تنتج حكمة ، بل في كثير من الأحيان تنتج جهلاً و غسيل دماغ وتعصباً لما قـُرِئ .. الله وصف الكفار المعاندين بالجهل وضعف العقل



{قوم لا يعقلون} ،



ولم يعذرهم رغم ذلك ، لأن جهلهم وعدم عقلانيتهم نتيجة وليست سبباً ، نتيجة سوء أخلاقهم وليست سبباً في رفضهم ، والحساب دائماً على الأسباب والأخلاق وليس على النتائج ، وعلى النيات وليس على الأفعال .. وحبنا للإنسان العاقل والمتفهم والمتنور ليس لأجل تلك الصفات بحد ذاتها ، بل لأجل الدافع الخيّر وراءها في ذلك الشخص و احترامه له ، وإلا لأحببناها ولم نحبه .. فالذكي البارع في المكائد والشر لا يـُحب ولا يـُحترم رغم ذكائه وبراعته!!



الاختيار الخيـّر لا يدع صاحبه حتى يضعه في أرقى المراتب ، حتى لو كانت خبراته قليلة .. وعدم اختيار الخير كخط حياة لا يزال بصاحبه حتى ينزله إلى أدنى الدرجات ، ويفضح عقله حتى لو كان مليئاً بالإمكانات والمؤهلات ، فالاختيار يـَفضح و يـُنجح ..



ليس المهم هو العلم ، بل الأهم هو القصد من ذلك العلم ،



و كل إناء بما فيه ينضح ..


منقول..


امير النجوووووووم
 

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#2
رد: كل اناء بما فيه ينظح......

و من مسببات الجهل و كما ورد في هذا الطرح المميز هو التكبر و الأنفة من تلقي العلم بدعوى معرفة كل شيء و هذا داء عضال..فمن إدعى ذلك فهو جاهل مركب..و يبقى الإنفتاح و الإستزادة من كل صغيرة و كبيرة من خزائن المعلومات هو الطريق الأضمن للنجاة., كما تقول الحكمة...كن عالما أو متعلما و لا تمن الثالثة فتهلك...يسلمو على روعة الإنتقاء tnx
 

ريتاج

مشرفة النكت و المسابقات
#3
رد: كل اناء بما فيه ينظح......

فعلاااااا جميل جدااااا
سلمت يمنااااااااك
 

سحر الشرق

مشرفة قسم الرومانسية و الصور
#4
رد: كل اناء بما فيه ينظح......

طرح جدا مميز ورااائع
سلمت اناملك المبدعة على روعة ورقي الانتقاء
دمت بخير
 

رائد

مشرف أقسام الفوتوشوب و السويش
#5
رد: كل اناء بما فيه ينظح......

طرح رائع
حتى لو كان الشخص يعلم الكثير من الحياة ويضن أنه فذ ألا أن التكبر والأنانية تسقطه في الجهل
يعطيك ألف عافية