ايات وتفاسير فى القران الكريم
اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور ، فمنهم من قال : هي مما استأثر الله بعلمه ، فردوا علمها إلى الله ، ولم يفسروها [ حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم - به ، وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خثيم ، واختاره [ ص: 157 ] أبو حاتم بن حبان ] .
ومنهم من فسرها ، واختلف هؤلاء في معناها ، فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما هي أسماء السور [ قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره : وعليه إطباق الأكثر ، ونقله عن سيبويه أنه نص عليه ] ، ويعتضد هذا بما ورد في الصحيحين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : " الم السجدة " ، وهل أتى على الإنسان .
وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنه قال : " الم " ، و " حم " ، و " المص " ، و " ص " ، فواتح افتتح الله بها القرآن .
وكذا قال غيره : عن مجاهد . وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عنه ، أنه قال : " الم " ، اسم من أسماء القرآن .
وهكذا قال قتادة ، وزيد بن أسلم ، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد : أنه اسم من أسماء السور ، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن ، فإنه يبعد أن يكون " المص " اسما للقرآن كله ؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول : قرأت " المص " ، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف ، لا لمجموع القرآن . والله أعلم .
وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى . فقال الشعبي : فواتح السور من أسماء الله تعالى ، وكذلك قال سالم بن عبد الله ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وقال شعبة عن السدي : بلغني أن ابن عباس قال : " الم " اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة .
ورواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن شعبة ، قال : سألت السدي عن " حم " و " طس " و " الم " ، فقال : قال ابن عباس : هي اسم الله الأعظم .
وقال ابن جرير : وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن مرة الهمداني قال : قال عبد الله ، فذكر نحوه [ وحكي مثله عن علي وابن عباس ] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله تعالى .
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة أنه قال : " الم " ، قسم .
ورويا - أيضا - من حديث شريك بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس : " الم " ، قال : أنا الله أعلم .
وكذا قال سعيد بن جبير ، وقال السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن [ ص: 158 ] مرة الهمداني عن ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " الم " . قال : أما " الم " فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( الم ) قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعجب ، فقال : وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به ؛ فالألف مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " والميم مفتاح اسمه " مجيد " فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون [ سنة ] . هذا لفظ ابن أبي حاتم . ونحوه رواه ابن جرير ، ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها ، وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر ، وأن الجمع ممكن ، فهي أسماء السور ، ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور ، فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته ، كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه . قال : ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله ، وعلى صفة من صفاته ، وعلى مدة وغير ذلك ، كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية ؛ لأن الكلمة الواحدة تطلق على معان كثيرة ، كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين ، كقوله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة ) [ الزخرف : 22 ، 23 ] . وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله ، كقوله : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) [ النحل : 120 ] وتطلق ويراد بها الجماعة ، كقوله : ( وجد عليه أمة من الناس يسقون ) [ القصص : 23 ] ، وقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) [ النحل : 36 ] وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله : ( وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة ) [ يوسف : 45 ] أي : بعد حين على أصح القولين ، قال : فكذلك هذا .
هذا حاصل كلامه موجها ، ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية ، فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا ، وعلى هذا ، وعلى هذا معا ، ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح ، إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام ، فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ، ليس هذا موضع البحث فيها ، والله أعلم ؛ ثم إن لفظ الأمة تدل على كل معانيه في سياق الكلام بدلالة الوضع ، فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره ، فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف ، والمسألة مختلف فيها ، وليس فيها إجماع حتى يحكم به .
اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور ، فمنهم من قال : هي مما استأثر الله بعلمه ، فردوا علمها إلى الله ، ولم يفسروها [ حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم - به ، وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خثيم ، واختاره [ ص: 157 ] أبو حاتم بن حبان ] .
ومنهم من فسرها ، واختلف هؤلاء في معناها ، فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما هي أسماء السور [ قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره : وعليه إطباق الأكثر ، ونقله عن سيبويه أنه نص عليه ] ، ويعتضد هذا بما ورد في الصحيحين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : " الم السجدة " ، وهل أتى على الإنسان .
وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنه قال : " الم " ، و " حم " ، و " المص " ، و " ص " ، فواتح افتتح الله بها القرآن .
وكذا قال غيره : عن مجاهد . وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عنه ، أنه قال : " الم " ، اسم من أسماء القرآن .
وهكذا قال قتادة ، وزيد بن أسلم ، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد : أنه اسم من أسماء السور ، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن ، فإنه يبعد أن يكون " المص " اسما للقرآن كله ؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول : قرأت " المص " ، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف ، لا لمجموع القرآن . والله أعلم .
وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى . فقال الشعبي : فواتح السور من أسماء الله تعالى ، وكذلك قال سالم بن عبد الله ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وقال شعبة عن السدي : بلغني أن ابن عباس قال : " الم " اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة .
ورواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن شعبة ، قال : سألت السدي عن " حم " و " طس " و " الم " ، فقال : قال ابن عباس : هي اسم الله الأعظم .
وقال ابن جرير : وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن مرة الهمداني قال : قال عبد الله ، فذكر نحوه [ وحكي مثله عن علي وابن عباس ] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله تعالى .
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة أنه قال : " الم " ، قسم .
ورويا - أيضا - من حديث شريك بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس : " الم " ، قال : أنا الله أعلم .
وكذا قال سعيد بن جبير ، وقال السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن [ ص: 158 ] مرة الهمداني عن ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " الم " . قال : أما " الم " فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( الم ) قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعجب ، فقال : وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به ؛ فالألف مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " والميم مفتاح اسمه " مجيد " فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون [ سنة ] . هذا لفظ ابن أبي حاتم . ونحوه رواه ابن جرير ، ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها ، وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر ، وأن الجمع ممكن ، فهي أسماء السور ، ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور ، فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته ، كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه . قال : ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله ، وعلى صفة من صفاته ، وعلى مدة وغير ذلك ، كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية ؛ لأن الكلمة الواحدة تطلق على معان كثيرة ، كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين ، كقوله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة ) [ الزخرف : 22 ، 23 ] . وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله ، كقوله : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) [ النحل : 120 ] وتطلق ويراد بها الجماعة ، كقوله : ( وجد عليه أمة من الناس يسقون ) [ القصص : 23 ] ، وقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) [ النحل : 36 ] وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله : ( وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة ) [ يوسف : 45 ] أي : بعد حين على أصح القولين ، قال : فكذلك هذا .
هذا حاصل كلامه موجها ، ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية ، فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا ، وعلى هذا ، وعلى هذا معا ، ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح ، إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام ، فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ، ليس هذا موضع البحث فيها ، والله أعلم ؛ ثم إن لفظ الأمة تدل على كل معانيه في سياق الكلام بدلالة الوضع ، فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره ، فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف ، والمسألة مختلف فيها ، وليس فيها إجماع حتى يحكم به .