النخب السياسية في الحالة الفلسطينية

أسير الترحال

مشرف القسم الفلسطيني
#1
بقلم: يحيى رباح


أحاول أن أرى في الوقائع اليومية الفلسطينية شيئا جديدا لم أره من قبل سواء على مستوى السلوك السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي, فلا أرى جديدا !!! وأحاول أن أسمع كلاما جديدا, تصورات جديدة, رؤى جديدة للخروج من المأزق الذي نعاني منه في مواجهة الاحتلال وفي مواجهة الانقسام, فلا أسمع سوى المنظومات الكلامية القديمة التي كنا نتحمس لها عند سماعها في البداية, وها نحن نعاملها بفتور الآن, لأنها هي نفسها مكررة وفاشلة ولا توحي بأي قدر من الجدية .
ما الذي نفعله إذا؟
لا اجد جوابا, واعتقد أن ما نفعله ليس سوى نوع من أنواع الانتظار !!! ولكن حتى في الحياة نفسها فحين ننتظر شيئا فلا بد أن نعرف ما هو, ما الذي ننتظره بالضبط أو على وجه التقريب, وأن نعمل شيئا – أي شيء – لصالح هذا الذي ننتظره .
لقد تابعت على سبيل المثال الجولة الجديدة من لقاءات المصالحة في القاهرة في التاسع من يناير الماضي, ثم في السابع عشر, ثم في الثلاثين, ثم لقاءات الإطار القيادي لمنظمة التحرير " الأمناء العامون واللجنة التنفيذية والمستقلون " في الثامن من هذا الشهر, وحاولت أن أضم هذه اللقاءات في خيط واحد, في اتجاه واحد, فلم أستطع, رغم أنني من دعاة التفاؤل الدائمين, بل وجدت نفسي منهمكا في إثبات أن حكومة الوحدة الوطنية التي ننتظرها والانتخابات التي نستعد لها ليسا نقيضين – كما يفسر البعض – بل هما وجهان لعملة واحدة اسمها المصالحة, وقطبان لدائرة واحدة اسمها المصالحة !!! وفهمي البسيط للأمر أن تشكيل الحكومة بحد ذاته ينقلنا من عنوان الانقسام إلى عنوان الوحدة, فيصبح لدينا رسميا في فلسطين حكومة واحدة, ولكن هذه الحكومة بطبيعتها هي حكومة مؤقتة, انتقالية, لا يجب أن تستمر طويلا, ولديها أجندة محددة تقوم بها أبرز بنودها تتمثل في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية, لكي يصبح لنا بعد الانتخابات حكومة طبيعية, تعبر عن المشاركة الواسعة, أين هي المشكلة, لا أعرف, وحتى الذين أناقشهم ولديهم تحسس شديد من هذه الصيغة, ليس لديهم وجهة نظر متبلورة يقولونها, بل هم يهربون في النقاش إلى نوع من الغموض الذي لا يوصل إلى شيء .
الصادم في الموضوع، أن ترف الوقت الذي يحترق في هذه الحوارات الفلسطينية " الرطراطة " خطير جدا, فكما قلت في مقالات سابقة, بأننا نستبسل في مساومة بعضنا, بدل أن نتجمع ونحتشد ونتقوى في مساومة الاحتلال, الفاعل الأصلي الذي يحتل الأرض ويبني فوقها حقائق قوية .
ثم إن ترف الوقت، الذي نمارسه بنوع من الإدمان, لا ينظر بعين الاعتبار للحالة التي أمامنا في الأفق, في قلوب الناس وعقولهم, هو الشعور العالي بالقهر والمهانة, ورغم أن المنطقة من حولنا تغلي, وتنذر بعواصف نارية, وقواعد اللعبة فيها تتغير بشكل حاد, واللاعبون على المسرح يتغيرون باستمرار, فإن النخب السياسية في الحالة الفلسطينية ما تزال تراهن على أوهامها القديمة, بأن الوضع لن يصل إلى الانفجار بسبب وجود الاحتلال الإسرائيلي جاثما فوق قلوبنا وصدورنا, وبالتالي فإن الغالبية التي تشعر بالقهر ستتحمل ولا تنفجر حتى لا يصب انفجارها لصالح الاحتلال الذي هو نفسه ابشع الشرور .
حاجز شفاف – كما ترون – ولكن الرهان عليه لن يستمر إلى الأبد, بل هذا الحاجز الشفاف يتآكل بالتدريج, لأن أسوأ شيء في حياة الشعوب هو فقدان الأمل, ولذلك نقول لكل الذين يتشبثون بأوهامهم, وأجندتهم التافهة, لا تبالغوا في إحراق الوقت, لا تبالغوا في هدر الأمل, لا تغلقوا الدروب بالإحباط والفشل والكآبة, يجب عليكم أن تنجحوا في شيء ما, أي شيء, أما أن نظل هكذا تحت سقف الاحتلال, وتحت سقف الانقسام, وتحت سقف الفقر والجوع والبطالة والتراشق الهابط والادعاءات الفارغة والمنظومات الكلامية المضحكة, فهذا وضع لن يستمر إلى الأبد .
 

زبيدة

مشرفة أقسام ألفوتوشوب سابقا
#4
رد: النخب السياسية في الحالة الفلسطينية

شكرا على الموضوع