تخلص بِبلاغتهِ و حسن اعتذاره

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
[OVERLINE]
:3h0:
أحبتي في منتدى حب العرب..تحية طيبة..قرأت قصةً في إحدى الكتب و أحببت أن أكتبها لكم هنا..و فيها دليلٌ على عفوِ الحكامِ آنذاك عمن خالفهم و سعة حلمهم و لم يتأت هذا من فراغ بل رافقه قوة منطق و حسن بلاغةٍ قد لا تنفع مع حكامنا اليوم! تابعوا معي:
قال أحمد بن أبي داود: ما رأيتُ رجلاً عرضَ للموتِ و رأى النطع مفروشاً و السيفَ مسلولاً و لم يكتَرِث لذلكَ و لا عدلَ بهِ عما أرادَ إلا تَميم بن جميل.
و كان خرجَ على المعتصم أيامَ دولتهِ،و نزعَ يدهُ عنِ الطاعةِ و انقطَع إلى بعضِ النواحي.و قد كان عظُمَ أمرهُ على المعتصم،و لقد رأيتهُ لما جيءَ به أسيراً مكتوفاً و اجتمعَ الناسُ من الآفاقِ و النواحي ينظرونَ كيفَ يقتلهُ المعتصم. و كان المعتصم قد جلسَ له مجلساً منكراً،و أمرَ الناسَ بالدخولِ و دخلَ تميمُ، و حضرَ السيافُ و فُرِشَ النطعُ (البساط الذي يوضع عليه المحكوم بالقتل). و كانَ تميمُ جميلُ الوجهِ تامُ الخِلقَةِ عذبُ المَنطِقِ،فرآهُ المعتصمُ غَيرُ دَهِشٍ و لا مكترث لما نزلَ بهِ،فأرادَ أن يَستَنطِقَهُ لِيَعلَمَ أينَ عقلهُ في ذلكَ الوقت. فقال لهُ: يا تميمُ إن كانَ لكَ عُذرٍ فَأتِ بهِ.
فقالَ: أمّا إذا أذِنَ أميرُ المؤمنينَ، فالحَمدُ للهِ الذي جَبرَ بِكَ صَدعَ الدّينِ،و ألّمَ بكَ شَعثَ المُسلمين،و أنارَ بِكَ سُبُلَ الحَقِّ و أخمدَ بِكَ شِهابَ الباطلِ.
إنَّ الذنوبَ يا أميرَ المؤمنينَ لَتُخرِسُ الألسِنَةِ الفَصيحة، و لَتُصدِعُ الأفئدةِ الصَحيحة،و اللهِ لقد كَبُرَ الذَّنبُ و عَظُمَت الجَريرةُ،و انقَطَعَتِ الحاجَةُ و ساءَ الظَّنُ، و لَم يَبقَ إلا عَفوُكَ أو إنتقامُكَ، و أنتَ إلى العَفوِ أقربُ و هوَ بِكَ أليَقُ،
و أنشَد:
أرى الموتَ بينَ السَّيفِ و النَّطعِ كامِناً**يُلاحِظَني مِن حَيثُ لا أتَلَفَتُ
و أَكبَرُ ظَنِيَّ أنكَ اليومَ قاتِلي**و أيُّ امرِئٍ مِما قَضى اللهُ يَفلِتُ
و مَن ذا الذي يأتي بِعُذرٍ و حُجَةٍ**و سَيفُ المَنايا بَينَ عَينَيهِ مُصَلَتُ
و ما جَزَعي أنَّي أموتُ و إنَّني**لأعلمُ أنَّ المَوتَ شَيءٌ مُؤَقَتُ
و لكِن خَلفي صِبيَةٌ قَد تَرَكتُهُم**و أكبادُهُم مِن حَسرَةٍ تَتَفَتَتُ
كَأَنِّي أراهُم حينَ أُنعى إلَيهِم**و قَد خَمَشوا تِلكَ الوُجوهَ و صَوَّتوا
فَإن عِشتُ عاشوا سالِمينَ بِغِبطَةٍ**أذودُ الرَّدى عَنهُم و إن مُتُّ مُوِتوا
قال: فبكى المعتَصِمُ حتى ابتَلَت لِحيَتُهُ،و قالَ إنَّ مِنَ البيانِ لَسِحراً، ثمَّ قالَ: و اللهِ كادَ السَّيفُ يَسبِقُ العفوَ،و قَد وَهَبتُكَ للهِ تعالى و لِصِبيَتِكَ و عفوتُ عن زَلَتِكَ،ثُمَّ أَمَرَ بِقناةٍ فَعقَدَ لهُ الولايَةَ على الموضعِ الذي خرجَ فيهِ و وَصَلَهُ بِمالٍ كثير.
أتمنى أنها راقت لكم.
مع أطيب الأمنيات
أخوكم: وعـد
[/OVERLINE]
 

تشيارا

مشرفة قسم التنمية
#2
رد: تخلص بِبلاغتهِ و حسن اعتذاره

قصة جميلة
بانتظار القادم وعد:dsh:
 

رائد

مشرف أقسام الفوتوشوب و السويش
#3
رد: تخلص بِبلاغتهِ و حسن اعتذاره

قصه رائعه وابيات جميله
سلمت يداك فارس بلا جواد
:hh14 :
 

يويا

مراقبة الاقسام الفنية
#4
رد: تخلص بِبلاغتهِ و حسن اعتذاره

تسلم الايااااااااادي
ع الطرح