صور من بشارات الرسول لصحبه وإظهار الجوانب الإيجابية عندهم

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
:8h1:
أقول أيها الإخوة والأخوات: إن إبراز هذه النماذج وهذه الصور أمام هؤلاء تجعل القضية يكون فيها نوع من التوازن، ولعلي أخيراً أشير إلى بعض الصور من المربي الأول صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يتعامل مع الناس.

النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان يتحدث عن الأخطاء ويبينها إلا أنه كان يبرز تلك الصور الأخرى، من ذلك مثلاً حديثه صلى الله عليه وسلم عن فضائل الأمة في الحديث الطويل في المقارنة بين الأمة واليهود والنصارى والذين عملوا نصف اليوم فقال: (أنتم أقل عملاً وأكثر أجراً).

وفي الحديث الآخر حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز جل)، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخاطب أصحابه ويخاطب هذه الأمة بهذه البشارات.

أيضاً: كان يثنى النبي صلى الله عليه وسلم على طوائف من أصحابه في مواقف كثيرة، وقصته في الأنصار لما قسم النبي الغنائم في غزوة حنين ولم يعط الأنصار شيئاً مشهورة، فحين وجدوا في أنفسهم جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئاً، قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لو شئتم لقلتم: جئتنا كذا وكذا، ثم قال: أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).

وقال صلى الله عليه وسلم في شأن الأنصار: (لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق).

وأثنى على أسلم فقال: (أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها).

وأثنى على الأشعريين فقال: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم في المدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم).

أيضاً: كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على أعمالهم، قد يعمل أصحابه أعمالاً فيثني عليهم صلى الله عليه وسلم.

من ذلك حديث المغيرة بن شعبة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، قال المغيرة : (فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر.. الحديث قال المغيرة : فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى لهم، فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الآخرة، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام الرسول صلى الله عليه وسلم يتم صلاته فأفزع ذلك المسلمين فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم، ثم قال: أحسنتم -أو قال:- قد أصبتم. يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها)، وهذا السياق لـمسلم .

وأيضاً: في حديث أبي بردة عن أبيه قال: (صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي العشاء، قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: ما زلتم هاهنا؟ قلنا: يا رسول الله! صلينا معك المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال: أحسنتم أو أصبتم، ثم رفع رأسه إلى السماء، وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: النجوم أمنة السماء).. إلى آخر الحديث، والحديث في مسلم .

وأيضاً في البخاري من حديث أنس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل، ثم أقبل علينا بوجهه بعدما صلى، فقال: صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة مذ انتظرتموها).

وفي رواية أخرى: (لا ينتظر هذه الصلاة أحد غيركم).

في كثير من هذه المواقف كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على أصحابه حين يعمل عملاً يستحق الثناء، وأما الأفراد فكان يثني عليهم كثيراً صلى الله عليه وسلم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر)، وأثنى على عمر ، وأثنى على أبي هريرة حين سأله قال: (لقد ظننت ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما علمت من حرصك على الحديث)، وأثنى على طائفة من أصحابه في قراءتهم للقرآن وتلاوتهم للقرآن، وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على سلمة بن الأكوع ، وأثنى على أبي قتادة ، فقال: (خير رجالتنا سلمة وخير فرساننا أبو قتادة).

افتقد النبي صلى الله عليه وسلم واحداً من أصحابه في حديث عظيم عن أبي برزة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: لا، قال: لكني أفقد جليبيباً فاطلبوه، فطلبوه فطلب في القتلى فوجوده إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه، فقال: قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه، قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فحفر له ووضع في قبره، ولم يذكر غسلاً).

وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وحينما تقرأ وتنظر في أي كتاب من كتب ودواوين السنة ستجد باباً من أبواب المناقب يذكرون فيها طائفة من مناقب القبائل والناس والأفراد، النبي صلى الله عليه وسلم كان يبرز هذه الصور أمام أصحابه ويثني عليهم، بل كان القرآن يتنزل في الثناء عليهم: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29].. وغير ذلك.
أقول: بهذه التربية تربى الجيل الأول فكان جيلاً جاداً منتجاً، يسمع التصحيح، يسمع النقد، يسمع التقويم والعتاب، وفي المقابل يسمع الثناء ويسمع الصور الإيجابية، إننا بحاجة إلى هذا التوازن في التربية فلا نفرط في الحديث عن التكاليف حتى نصور للناس أن الالتزام مرتقىً لا يطيقه أحد، والله عز وجل أخبر أن الدين يسر ونبينا صلى الله عليه وسلم قال: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)، وقال: (هذا الدين يسر)، وأيضاً لا نفرط في الرجاء ونتستر على الأخطاء.
إننا بحاجة إلى أن نتحدث عن تلك الصورة وعن الصورة الأخرى، وحين نربي تربية متوازنة فإننا سنخرج بإذن الله جيلاً متوازناً، يؤمل منه أن يكون عند مستوى طموحاتنا وتطلعاتنا.
أسأل الله عز وجل أن يبارك في هذا الجيل المبارك وأن يكتب الخير على يديه، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ألالتزام هوية أم تكاليف للشيخ : ( محمد الدويش )​
 

طوق الياسمين

مشرف عام
طاقم الإدارة
#2
رد: صور من بشارات الرسول لصحبه وإظهار الجوانب الإيجابية عندهم

دائما متميز في الانتقاء
سلمت يالغالي على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك