عزيز الشافعي عايزينك اللى هو إزاى يعنى

يويا

مراقبة الاقسام الفنية
#1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






أهل الغناء.. نرجو فصل مفهوم الوطن عن شخص الزعيم.. اختصر جاهين كل الآمال فى شخص ناصر وأهدى نصر محروس *عايزينك» إلى السيسى​
لماذا اكتأب صلاح جاهين؟ وما سر دموع عمار الشريعى؟​
بص يا سيدى.. المقال ده محتاج منك شوية مجهود، فيا ريت تركّز معايا شوية لو بتقرا النسخة الورقية من جريدة *التحرير»، كمّل قراية عادى مافيش مشكلة، إنما لو بتقرا المقال على الإنترنت فمطلوب منك الآتى:​
1- افتح تابا جديدة واكتب على جوجل أغنية *مطالب شعب» لعبد الحليم حافظ، اسمعها.. حلوة صح؟​
2- كمان تاب واكتب أغنية *تعيش يا سادات» لسيد مكاوى.. شغّلها كده.. جميلة؟​
3- وعندك كمان تاب واكتب أوبريت *اخترناه»، واتفرّج كده وعيش.. إيه رأيك؟​
4- آخر مرة معلشّى باتعبك، اكتب أغنية *عايزينك» غناء بهاء وسومة ودياب وتوبة ونبيل، ها.. مبسوط؟​
غالبا هتكون فهمت قصدى إيه من المقال، بس معلش لو مش وراك حاجة *كمّل جميلك» وخلّيك معايا دقايق.​
بادئ ذى بدء وعلشان نكون واضحين، كاتب المقال من المنتمين والمشاركين فى ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو ولله الحمد، ومقتنع تماما بخريطة المستقبل والحرب على الإرهاب إلى آخره.​
لكننى أشعر بالاستفزاز الكبير من أغلب الحملات الإعلامية والفنية التى تُعيدنا إلى عصور كنّا قد حسبناها انتهت، وكنّا قد منّينا أنفسنا بأن عصر تقديس ومدح الحاكم شعرا ونثرا وغناءً ورقصا قد ذهب إلى غير رجعة، ولكن يبدو أن هذه الأمانى كانت صَرْحا من خيالٍ فهوى، كما ظهر ذلك جليا فى حفل ذكرى ثورة يناير الأخير بمسرح *الجلاء»، *ويا ريتهم ما غنّوا أغنية (بحبك يا بلادى) يوميها).​
عموما، نبدأ رحلتنا الغنائية القصيرة من سنة 1963 عندما غنّى عبد الحليم حافظ أغنية *المسؤولية» من ألحان كمال الطويل من مقام *العجم»، وقال فيها صلاح جاهين: *صناعة كبرى ملاعب خضرا.. تماثيل رخام عالترعة وأوبرا.. فى كل قرية عربية»!!​
ورغم أن كلام الأغنية كان متفائلا أكثر من اللازم كما اتضح فيما بعدُ، لكنه كان يحمل رسالة إلى الشعب كله أن يتحمّل مسؤولية تحقيق هذه الأحلام الخيالية بالذات موضوع *تماثيل رخام عالترعة ده».​
ولكن عندما قال فى نفس الأغنية:​
*رَيّسْنا ملّاح ومعدّينا.. عامِل وفلاح من أهالينا.. ومنّا فينا الموج والمركب.. والصحبة والريّس والزينة»، يتضح لنا كيف اختصر جاهين كل الآمال فى شخص ناصر *الملّاح اللى هيعدّينا»، وساعد مع زملائه المبدعين فى خلق شعور عام بالتفاؤل حتى تحوّل إلى صدمة بعد يونيو 1967، مما تسبّب فى إصابة جاهين نفسه باكتئاب مُزمن استمرّ حتى وفاته، فهرب بفنّه إلى منطقة جديدة من الإبداع مع سعاد حسنى والطويل.​
وفى نفس السياق لكن بمستوى فنى يقلّ بمرور الزمن، استمرت فكرة مزج الوطن بالزعيم، وكأنهما كيان واحد، فتجد الشيخ سيد مكاوى يُغنّى للسادات عام 1977 بلحنه من مقام *البياتى» ومن كلمات كمال عمار:​
*ويّاك ماشيين يا صلاح الدين.. وشمال ويمين رافعين رايات.. الله يخلّيك ويبارك فيك.. ويخلّينا ليك أحباب وإخوات.. وتعيشى يا مصر يا أرض النصر.. تعيشى يا مصر تعيش يا سادات»، ومَن منّا ينسى دموع عمار الشريعى على شاشات الفضائيات بعد قيام ثورة 25 يناير فرحا بالثورة، وقد يكون أيضا نَدَما على كونه من فنانى السلطة، فهو ملحّن الاحتفالات الوطنية السنوية فى عهد مبارك مثل: *ادّيها كمان حرية»، و*النسر المصرى»، والأوبريت الأشهر *اخترناه» الذى لحّنه من مقام *الكُرد» بتنويعات من مقام *الراست»، وبكلمات عبد السلام أمين:​
*اخترناه من غير لجنة ولأ وآه.. اخترناه رأينا حُر وأعلناه.. اخترناه برجوع طابا وعاهدناه.. اخترناه وإحنا معاه لما شاء الله».​
وشاء الله أن تقوم ثورة وتعزل مبارك وتُنهى مخطط التوريث، ثمّ قامت بعدها بعامين ثورة أخرى على مرسى ومشروعه الإخوانى، فأثبت هذا الشعب أنه يستحقّ أن يكون هو القائد والزعيم، ولكن صمّم أهل الغناء والطرب على العودة إلى ما مضى، وفوجئنا بسيلٍ من الأغانى التى تمتدح المشير عبد الفتاح السيسى، وتجعله الأمل الوحيد والبطل الشعبى *ونحن وإن كنّا لا ننكر عليه هذا، لكننا لا نقبل هذا الخطاب الإعلامى والفنى بعد ثورتَيْن قامتا من أجل الحرية والكرامة»، وفى هذا الاتجاه غنّى مصطفى كامل *الله يسامحه بقى»، ثم هانى شاكر وآخرون، أغلبهم من مطربى الأغانى الشعبية.​
ومن أحدث الأغانى المهداة إلى المشير السيسى أغنية *عايزينك»، وهى مَوضِع التحليل الفنى لمقالنا، كَتَبَها نصر محروس، المنتج الغنائى الأبرز فى جيلنا، والذى قام بكتابة أكثر من أغنية وطنية خلال الفترة الأخيرة، أحلاها *إنتى الغالية يا بلادى» لبهاء سلطان، وأهمها *انزل» لبهاء، و*توبة» التى أنتجها قبل ثورة يونيو بأيام لشحن المصريين إلى النزول، ويقول نصر فى مطلع *عايزينك»:​
*عايزينك علشان عايزين نعيش فى أمان شوية.. عايزينك ولازم تعرف يا سيسى دى مسؤولية».​
واستخدم نصر بعض الكلمات التى تُعبّر عن الشعور بالثقة فى شخص السيسى، وإن كانت غريبة عن الأغانى الوطنية وليس لها مبرر عندى مثل: *إنت راجلها وإنت اللى وقفت لها وأبو المرجلية»!! ولحّنها حسين محمود من مقام *النهاوند» و*الهزام»، وأحسن فى تنويع المقاطع الخاصة بالمطربات، وانتقل بسلاسة من مقام موسيقى لآخر، وساعده فى ذلك الفواصل الموسيقية للموزّع حجازى، والأغنية فى المجمل أفضل بكثير من أغانٍ أخرى لم يبذل صانعوها جهدا فيها، ولكنها تندرج تحت نفْس تلك النوعية التى نتحدّث عنها فى مزج مفهوم الوطن بشخص الزعيم.​
لذا وجَبَ علينا الآن أن نحذّر زملاءنا من هذه الموجة الغنائية التى ننجرف إليها وتنجرف بنا، والتى تضرّ ولا تفيد، فهى ضارّة للوطن وللثورة، وهى ضارّة أيضا للسيسى شخصيا مثلها مثل الحملات الإعلانية من بعض الأشخاص الذين يبحثون عن مكان فى قلب السلطة، فيمطرون الشوارع والشاشات بحملات النفاق التى تتسبّب فى استفزاز البعض، وتدفعه دفعا إلى معارضة السيسى فقط بسبب هؤلاء الأشخاص.​
زميلى العزيز الفنان المصرى المبدع، نحفظ لأم كلثوم *مصر تتحدّث عن نفسها»، ولا يعرف الكثيرون كلمات *يا جمال يا مِثال الوطنية»، ونعشق لعبد الوهاب *وطنى الأكبر»، ولكن مَن منّا سمعه يُغنّى *ناصر.. كلنا بنحبك»؟!!​
سينسى التاريخ الغنائى أوبريت *اخترناه»، لكن لن ينسى ولن ننسى لحن وصوت عمار وكلمات سيد حجاب فى أغنية *يا حلوة يا بلدنا» التى نختتم بها المقال والمقصد: *حبيبتى من ضفايرها طلّ القمر.. وبين شفايفها ندى الورد بات.. ضحكتها بتهز الشجر والحجر.. وحنانها بيصحّى الحياة فى النبات.. يا حلوة يا بلدنا.. يا نيل سلسبيل.. فى حبّك إنتى رفعنا راسنا لفوق.. لو الزمان لَيِّل.. ما يرهبنا ليل.. شوقنا فى عروقنا يصحّى شمس الشروق».​
المقال نقلا عن "التحرير"​