إبنا الخليفة يتنافسان على نعل معلمهما

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
:02:
لا يكبرُ الرجلُ عن ثلاثٍ:
تواضعهُ لِسُلطانهِ و لوالدهِ و لمعلمهِ العِلمَ.
كانَ المَأمونُ قَد وَكَّلَ الفَرّاءُ يُلَقِّنُ إبنَيهِ النَّحوَ, فَلَمّا كانَ يَوماً أرادَ الفَرّاءُ أن يَنهَضَ إلى بعضِ حَوائِجِهِ, فَابتَدَرا إلى نَعلِ الفَرّاءِ يُقَدِمانَهُ لهُ, فَتنازَعا أيُّهُما يُقَدِمَهُ, فَاصطَلَحا على أن يُقَدِمَ كُلُّ واحدٍ منهُما فَرداً فَقَدَّماها, و كانَ المَأمونُ لَهُ على كُلِّ شَيءٍ صاحِبَ خَبَرٍ, فَرَفَعَ ذلِكَ الخَبَرُ إلَيهِ, فَوَجَّهَ إلى الفَرّاء فَاستَدعاهُ, فَلَمّا دَخَلَ عليهِ قالَ: مَن أعَزُّ الناسَ؟
قالَ الفَرّاءُ: ما أعرِفُ أعَزَّ مِن أَميرِ المُؤمِنينَ.
قالَ المَأمونُ: بَلى مَن إذا نَهَضَ تَقاتَلَ على تَقديمِ نَعلَيهِ وَلِيّا عَهدِ المُسلِمينَ حَتّى رَضِيَ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما أن يُقَدِمَ لَهُ فَرداً.
قالَ: يا أَميرَ المُؤمِنينَ, لَقَد أرَدتُ مَنعَهُما مِن ذلِكَ, و لكِن خَشيتُ أن أَدفَعهُما عَن مَكرَمَةٍ سَبَقا إلَيها, أو أكسِرَ نفوسَهُما عَن شَريعَةٍ حَرِصا عَلَيها, و قَد رُوُيَ عَن إبنِ عَبّاسَ أنَّهُ أمسَكَ لِلحَسَنِ و الحُسَينِ رَضيَ اللهُ عنهُم أجمَعينَ رِكابَيهُما, حينَ خَرَجا مِن عِندِهِ.
فَقالَ لَهُ بَعضُ مَن حَضَر:أَ تُمسِكُ لِهذَينِ الحَدَثَينِ رِكابَيهُما و أنتَ أَسَنُ مِنهُما؟
فَقالَ لَهُ: أُسكُت يا جاهِل, لا يَعرِفُ الفَضلَ لِأَهلِ الفَضلِ إلّا ذَوو الفَضلِ.
فَقالَ لَهُ المَأمونُ: لَو مَنَعتَهُما مِن ذلِكَ لَأوجَعتُكَ لَوماً و عَبثاً و ألزَمتُكَ ذَنباً, و ما وَضَعَ ما فَعَلاهُ مِن شَرَفِهِما, بَل رَفَعَ مِن قَدرِهِما و بَيَّنَ عَن جَوهَرِهِما,و لَقَد ظَهَرَت لِيَ مُخيِلَةَ الفَراسَةِ بِفِعلِهِما, فَلَيسَ يَكبُرُ الرَّجُلُ و إن كانَ كَبيراً عَن ثَلاثٍ: عَن تَواضُعِهِ لِسُلطانِهِ و والِدِهِ و مُعَّلِمِهِ العِلمَ, و قَد عَوَّضتُهُما بِما فَعَلاهُ عِشرينَ ألفَ دينارٍ و لَكَ عَشرَةُ آلافِ دِرهَمَ على حُسنِ أدَبِكَ مَعَهُما!
فَهل يا تُرى سَنجِد مِثالا لهذه الواقِعَة المشرقَة من تأريخ أجدادِنا و إكرامهم لأهل العِلمِ في واقعنا المعاصر و حكام العرب و المسلمين!
تَساؤلٌ أتركُ إجابَتهُ لَكم.
مع أطيب الأمنيات
 

يويا

مراقبة الاقسام الفنية
#2
رد: إبنا الخليفة يتنافسان على نعل معلمهما

يسلموووع طرح رائع
بانتظار جديدك