
أحبتي في منتدى حب العرب، تحية طيبة، و بعد:
أحببت أن نتناقش معاً و نجد تفسيراً مقنعاً لظاهرة موجودة في أغلب بلداننا العربية.و هي بإختصار، تهافت الناس على عيادات الأطباء من ذوي أجور الكشف الباهظة و عزوفهم عن أقرانهم من ذوي الأجور الأقل تكلفة رغم أن مستوى الخبرة و الإتقان في تشخيص العلل و تحقق الشفاء للمرضى قد تكون متشابهة. و هذا ما لاحظته بنفسي في بغداد مثلا تتراوح أجور الكشف الطبي بين 5 دولارات إلى 50 دولاراً.و تكون نسبة الإقبال على اصحاب المبلغ الأخير أكبر، و قد يفد إليه الناس من أماكن بعيدة و ينتظرون في طوابير رغم أنه يتواجد في مناطقهم من لا يقل كفاءة و خبرة.. فكيف يمكن تكييف هذه الظاهرة. و لأجل ذلك نثير التساؤلات التالية:
1. هل يمكننا الجزم دائماً بأن إرتفاع أجور الكشف الطبي دليلٌ على مهارة الطبيب و نجاحه في تشخيص الأدواء و العلل، أم أن هناك عوامل أخرى تساعد على رفع الأجور و تقبل الناس لها، منها: تواجد العيادة في منطقة راقية مكتظة بأصحاب الدخول العالية،او أسباب أخرى تتعلق بشخص الطبيب مثل تمتعه بمركز إجتماعي و سمعة تساهمان بالترويج له.و قد لا يكون بطبيعة الحال أكفأ من غيره.
2. هل هناك تصورٌ في نفوس الناس بأن بذل المال و الجهد في قصد عيادات هؤلاء الأطباء دون سواهم يساعد في الحصول على الشفاء،أو أن ثقة الناس المطلقة بهذا الطبيب أو ذاك لها أثرها في خلق هذا التصور و تحققه دائماً و إن كان الطبيب بحد ذاته هو سبب من أسباب الشفاء التي هي بيد الخالق جل شأنه. بمعنى هل يكون للعامل النفسي دور في نجاح العلاج الذي يكون واحداً و إن إختلف الأطباء و بالتالي يزيد من فرص الإقبال عليهم.
3. هل إن تدني أجور الكشف الطبي يخلق إنطباعا في نفوس الآخرين بأنه دليلٌ على عدم إلمام الطبيب بإختصاصه و قلة درايته، و بالتالي نشوء دعاية سلبية له دون الوقوف على حقيقة مهاراته و إتقانه لعمله.
4. ألا يجدر بهؤلاء الأطباء فوق ما يقدمونه من خدمات جليلة تفيد أصحاب الدخول المنخفضة و الطبقات الفقيرة و هم يشكرون على ذلك طبعا، ألا يجدر بهم أن يقوموا ببعض مظاهر الدعاية و الإعلان عن أماكنهم تبدأ من مظهر العيادة من لافتات و ديكورات تجذب الأنظار و لا تنتهي حتى بالإستفادة من مواقع التواصل الإجتماعي للترويج لهم. و أن يكون على عاتق من تماثلوا للشفاء على يديهم بعد فضل الله تعالى أن يعتبروا هذا بمثابة دين في أعناقهم يردونه من خلال إشاعة الدعاية الطيبة عنهم بين الأقارب و الأصدقاء؟
و ختاماً تبقى مهنة الطب خدمة إنسانية جليلة و تكون غاية النفع المادي ليست هي السبب الأساس لدى معظمهم و هم يعملون في الظل بكل إخلاص و تفان..فلهم منا كل الشكر و التقدير..
مع أطيب الأمنيات
