
أرخَيتُ عَمداً أنامِلي, و أطلقتُ العَنانَ لِما بِداخِلي، مُنايَ أن أنقشَ جَمالَكِ على اللَوحِ،
و استَعَنتُ بِكلِ مُخَيِلَتي و استَجدَيتُ قَريحَتي في البَوحِ، وَضَعتُ أمامِيَ طَيفاً يُحاكي وَجهَكِ، و تَأَمَلتُ كَما الرَّسامِ المُحتَرِفِ لِمُضاهاةِ رَسمِكِ، ما كُنتُ أخشاهُ قَد حَصَل، و رَعشَةُ الكَفِّ عَزَفَت على خَفَقاتِ القَلبِ فَاعتَرانِيَ الخَجَل، وَ كَيفَ لي أن أزعُمَ إجادَةِ تَصويرِكِ، و أُحيطُ بِدَقائِقِ حُسنِكِ بِفِرشاةٍ تَأتي بِما يَستَثيرُكِ، فَبِالكادِ رَسَمتُ كَما الوَجهِ استِدارَة، ثُمَّ عَطَفتُ عَلى الحاجِبَينِ وَ كُلِّي إثارَة، فَما أَتمَمتُ إنحِناءَهُ كَما يَجِب، و بَدَا ارتِباكُ اليَدَينِ مِن خَطِهُما واضِحاً و كِدتُ أكتَئِب، و لَم ألبَث أن وَجَدتُ عَينايَ تُقابِلُ عَيناها و ما فِيهِما مِن حَوَر، و كَأَنَّ هَيبَتي لِحُسنِهُما تَجعَلَني أستَرِقُ النَّظَر، فَتَمَّ الرَّسمُ على استِحياء، و لَستُ أراني أوفَيتُ حَقَ حَبيبَتي الحَسناءِ، و تَعَمَدتُ الجُرأةَ في رَسمِ أنفِها، إلى تَحَسُسِ بأناملي ما تَوَسَطَ وَجهَها، و في داخلي صَوتٌ يَقولُ كَفَى، و ألفَتَ النَظَر لِما غابَ عَنِّي لِوَهلَةٍ و خَفَى، ألا تَرَى يا وَعدُ لِتَوَرُدِ الوَجنَتَينِ، فَأنجِزِ الرَّسمَ ثُمَّ نَل وَطرَكَ مِنهُما بِكِلتا اليَدَينِ، و ما أفَقتُ مِن نَشوَتي حَتَى لاحَ لِيَ الثَغرُ، و الشَفَتَينِ بالحُمرَةِ مُشَرَبَتينِ إفتَتَنتُ بِهِما و تَمَكَنَّ مِنِيَّ السِّحرُ، فَطاشَت يَدي إلى حَيث لا أدري، و تَوارَتِ الفرشاةُ و لَم يُعثَر بَعد ذلِكَ لَها على أثَرِ، و بِذاكَ أنهَيتُ جَولَتي في رَسمِها قَبلَ الأوانِ،لا تَقولوا فَشلتَ و ما أجَدتَ..فَلَيسَ يُجيدُ الرَّسمَ وَلهان..

()()()()()()
"فارس بلا جواد"
الجمعة, 28 شباط, 2014