قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#81
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم
اشتدت على أصحابه حتى التجأ
رفيقه أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه إلى الهجرة
عن مكة فخرج حتى بلغ برك الغماد
يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدغنة في جواره
قال ابن إسحاق لما هلك أبو طالب
نالت قريش من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأذى
ما لم تطمع به في حياة أبي طال
حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش
فنثر على رأسه تراباً
ودخل بيته والتراب على رأسه
فقامت إليه إحدى بناته
فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول
لها لا تبكي يا بنية
فإن اللَّه مانع أباك
قال
ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه
حتى مات أبو طالب.
ولأجل توالي مثل هذه الآلام في هذا العام
سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الحزن
وبهذا اللقب صار معروفاً في التاريخ

الزواج بسودة رضي اللَّه عنها

وفي شوال من هذه السنة سنة 10 من النبوة
تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة
كانت ممن أسلم قديماً
وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة
وبينا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة
التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح والاضطهاد

وقع حادث الإسراء والمعراج.

وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة
وفيما يلي نسردها بإيجاز

قال ابن القيم
أسري برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجسده
على الصحيح من المسجد الحرام إلى البيت المقدس
راكباً على البراق
صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام
فنزل هناك
وصلى بالأنبياء إماماً
وربط البراق بحلقة باب المسجد.
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا
فاستفتح له جبريل ففتح له
فرأى هنالك آدم أبا البشر
فسلم عليه
فرحب به ورد عليه السلام
وأقر بنبوته
وأراه اللَّه أرواح الشهداء عن يمينه
وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج به إلى السماء الثانية
فاستفتح له
فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم
فلقيهما وسلم عليهما
فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف
فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة
فرأى فيها إدريس، فسلم عليه، ورحب به وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة
فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة
فلقي فيها موسى بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى عليه السلام
فقيل له ما يبكيك؟
فقال
أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته
أكثر مما يدخلها من أمتي.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام
فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور.
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله
فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى
فأوحى إلى عبده ما أوحى
وفرض عليه خمسين صلاة
فرجع حتى مرّ على موسى
فقال له بم أمرك؟
قال بخمسين صلاة
قال
إن أمتك لا تطيق ذلك
ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
فالتفت إلى جبريل
كأنه يستشيره في ذلك
فأشار أن نعم، إن شئت، فعلا به جبريل
حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى
وهو في مكانه هذا لفظ البخاري في بعض الطرق
فوضع عنه عشراً
ثم أنزل حتى مر بموسى
فأخبره
فقال ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف
فلم يزل يتردد بين موسى وبين اللَّه عز وجل
حتى جعلها خمساً
فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف
فقال
قد استحييت من ربي
ولكني أرضى وأسلم
فلما بعد نادى مناد قد أمضيت فريضتي
وخففت عن عبادي
انتهى.
وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة
عرض عليه اللبن والخمر
فاختار اللبن
فقيل
هديت الفطرة أو أصبت الفطرة
أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
ورأى مالك خازن النار
وهو لا يضحك
وليس على وجهه بشر وبشاشة وكذلك رأى الجنة والنار.
ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل
يقذفون في أفواههم قطعاً من نار كالأفهار
فتخرج من أدبارهم.
ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون
لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم
ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.
ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال
من ليس من أولادهم رآهن معلقات بثديهن.
ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب
وقد دلهم على بعير ندّ لهم
وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون
ثم ترك الإناء مغطى
وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.
قال ابن القيم فلما أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في قومه أخبرهم بما أراه اللَّه عز وجل من آياته الكبرى
فاشتد تكذيبهم له
وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس
فجلاه اللَّه له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته
ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً
وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه
وأخبرهم عن وقت قدومها
وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال
فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً
وأبى الظالمون إلا كفوراً.
يقال سمى أبو بكر رضي اللَّه عنه صديقاً
لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس.
وأوجز وأعظم ما ورد في تعليل هذه الرحلة

هو قوله تعالى
(لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)

وهذه سنة اللَّه في الأنبياء

قال تعالى
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ)

والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه الرحلة
إنما محل بحثها كتب أسرار الشريعة
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه الرحلة المباركة
وتتدفق إلى حدائق أزهار السيرة النبوية
على صاحبها الصلاة والسلام والتحية
أرى أن نسجّل بعضاً منها
بالإيجاز يرى القارىء في سورة الإسراء
أن اللَّه ذكر قصة الإسراء في آية واحدة فقط
ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم
ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
فربما يظن القارىء
أن الآيتين ليس بينهما ارتباط
والأمر ليس كذلك
فإن اللَّه تعالى يشير بهذا الأسلوب
إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس
لأن اليهود سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الإنسانية
لما ارتكبوا من الجرائم التي لم يبق معها مجال لبقائهم
على هذا المنصب
وأن اللَّه سينقل هذا المنصب فعلاً
إلى رسوله صلى الله عليه وسلم
ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما
فقد آن أوان انتقال القيادة الروحية من أمة إلى أمة
من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان
إلى أمة تتدفق بالبر والخيرات
ولا يزال رسولها يتمتع بوحي القرآن
الذي يهدي للتي هي أقوم.
ولكن كيف تنتقل هذه القيادة
والرسول يطوف في جبال مكة مطروداً بين الناس
هذا السؤال يكشف الغطاء عن حقيقة أخرى
وهي أن دوراً من هذه الدعوة الإسلامية
قد أوشك إلى النهاية والتمام
وسيبدأ دور آخر يختلف عن الأول في مجراه
ولذلك نرى بعض الآيات تشتمل على إنذار سافر
ووعيد شديد بالنسبة إلى المشركين

(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا
فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)

(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ
وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)

إلى جانب هذه الآيات آيات أخرى تبين للمسلمين
قواعد الحضارة وبنودها ومبادئها
التي يبتنى عليها مجتمعهم الإسلامي
ففيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم
سيجد ملجأ ومأمناً يستقر فيه أمره
ويصير مركزاً لبث دعوته في أرجاء الدنيا
هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#82
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
ولما تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم
نزل إليه جبريل بوحي ربه تبارك وتعالى
فأخبره بمؤامرة قريش
وأن اللَّه قد أذن له في الخروج وحدد له وقت الهجرة
قائلاً لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
وذهب النبي صلى الله عليه وسلم
إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه
قالت عائشة رضي اللَّه عنها بينما نحن جلوس
في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة
قال قائل لأبي بكر هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في ساعة لم يكن يأتينا فيها
فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي
واللَّه ما جاء في هذه الساعة إلا أمر.
قالت
فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستأذن
فأذن له، فدخل
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر
اخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هم أهلك
بأبي أنت يا رسول اللَّه
قال: فإني قد أذن لي في الخروج
فقال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول اللَّه
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نعم
وبعد إبرام خطة الهجرة رجع رسول اللَّه صلى الله عليه
وسلم إلى بيته ينتظر مجيء الليل.

تطويق منزل الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

بمجرمين قريش فقضوا نهارهم في الإعداد
لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها
برلمان مكة دار الندوة صباحاً
واختير لذلك أحد عشر رئيساً
قال ابن إسحاق
فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه
يرصدونه متى نام
فيثبون عليه.
وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية
وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل
فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر
ولكن اللَّه غالب على أمره
بيده ملكوت السماوات والأرض
يفعل ما يشاء
وهو يجير ولا يجار عليه
فقد فعل ما خاطب به الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فيما بعد

(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ
أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم
قد فشلوا فشلاً فاحشاً
ففي هذه الساعة الحرجة
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
لعلي بن أبي طالب نم على فراشي
ثم خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء
فجعل يذره على رؤوسهم
وقد أخذ اللَّه أبصارهم عنه فلا يرونه
وهو يتلو

(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)

فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً
ومضى إلى بيت أبي بكر
وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر
وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل
فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم
ورآهم ببابه فقال
ما تنتظرون
قالوا محمداً
قال: خبتم وخسرتم
قد واللَّه مر بكم وذر على رؤوسكم التراب
وانطلق لحاجته
قالوا واللَّه ما أبصرناه
وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم
ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا علياً رضي الله عنه
فقالوا واللَّه إن هذا لمحمد نائماً
عليه برده
فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا
وقام علي عن الفراش
فسقط في أيديهم
وسألوه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقال لا علم لي به
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#83
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

غادر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيته
وأتى إلى دار رفيقه
وأمن الناس عليه في صحبته وماله
أبي بكر رضي اللَّه عنه
ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي
ليخرجا من مكة على عجل
وقبل أن يطلع الفجر.

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم
يعلم أن قريشاً ستجدّ في طلبه
وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار
لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالاً
فقد سلك الطريق الذي يضاده تماماً
وهو الطريق الواقع جنوب مكة
والمتجه نحو اليمن سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال
حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور
وهذا جبل شامخ
وعر الطريق، صعب المرتقى
ذا أحجار كثيرة
فحفيت قدما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقيل
بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه
كي يخفي أثره فحفيت قدماه
وأيا ما كان فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل
وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل
عرف في التاريخ بغار ثور.

إذْ هما في الغار
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر
واللَّه لا تدخله حتى أدخل قبلك
فإن كان فيه شيء أصابني دونك
فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقباً فشق إزاره وسدها به
وبقي منها اثنان فألقمهما رجليه
ثم قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ادخل فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ووضع رأسه في حجره ونام
فلدغ أبو بكر في رجله من الحجر
ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فسقطت دموعه على وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقال ما لك يا أبا بكر؟
قال لدغت فداك أبي وأمي
فتفل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فذهب ما بجسده.
أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد
لديها إفلات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ليلة تنفيذ المؤامرة فأول ما فعلوه أنهم ضربوا علياً
وسحبوه إلى الكعبة
جاؤوا إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه
وقرعوا بابه
فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر
فقالوا لها أين أبوك؟
قالت لا أدري واللَّه أين أبي؟
فرفع أبو جهل يده
وكان فاحشاً خبيثاً
فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها
وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة
استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض
على الرجلين فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة
(في جميع الجهات)
تحت المراقبة المسلحة الشديدة
كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة

وحينئذ جدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر
في الطلب وانتشروا في الجبال والوديان
لكن من دون جدوى وبغير عائدة.

وقد وصل المطاردون إلى باب الغار
ولكن اللَّه غالب على أمره
روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار
فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم
فقلت يا نبي اللَّه لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا
قال اسكت يا أبا بكر
اثنان اللَّه ثالثهما
وفي لفظ ما ظنك يا أبا بكر باثنين اللَّه ثالثهما.

وقد كانت معجزة أكرم اللَّه بها نبيه صلى الله عليه وسلم
فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم
إلا خطوات معدودة.
وحين خمدت نار الطلب
وتوقفت أعمال دوريات التفتيش
وهدأت ثائرات قريش بعد استمرار المطاردة
ثلاثة أيام بدون جدوى تهيأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وصاحبه للخروج إلى المدينة

وكانا قد استأجرا عبد اللَّه بن أريقط الليثي
وكان هادياً ماهراً بالطريق
وكان على دين كفار قريش
وأمناه على ذلك، وسلما إليه راحلتيهما
وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما
جاءهما عبد اللَّه بن أريقط بالراحلتين
وحينئذ قال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم
بأبي أنت يا رسول اللَّه خذ إحدى راحلتي هاتين
وقرب إليه أفضلهما
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالثمن.

وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه عنها بسفرتهما
ونسيت أن تجعل لها عصاماً
فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام
فشقت نطاقها باثنين
فعلقت السفرة بواحد
وانتطقت بالآخر فسميت ذات النطاقين
ثم ارتحل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر رضي اللَّه عنه وارتحل معهما عامر بن فهيرة
وأخذ بهم الدليل
عبد اللَّه بن أريقط على طريق السواحل.

وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار
أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن
ثم اتجه غرباً نحو الساحل
حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس
اتجه شمالاً على مقربة من شاطىء البحر الأحمر
وسلك طريقاً لم يكن يسلكه أحد إلا نادراً.

وهي السنة الأولى من الهجرة
نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقباء.
قال عروة بن الزبير
سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
من مكة
فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة
فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة
فانقلبوا يوماً بعد ما أطالوا انتظارهم
فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود
على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه
فبصر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب
فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب
هذا جدكم الذي تنتظرون
فثار المسلمون إلى السلاح.
قال ابن القيم
وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف
وكبر المسلمون فرحاً بقدومه
وخرجوا للقائه
فتلقوه
فأحدقوا به مطيفين حوله
والسكينة تغشاه
والوحي نزل عليه

(فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)

وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال
وكان يوماً مشهوداً لم تشهد المدينة مثله في تاريخها
ونزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقباء
وأقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقباء
أربعة أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس
وأسس مسجد قباء وصلى فيه
وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة
فلما كان يوم الخامس يوم الجمعة
ركب بأمر اللَّه له وأبو بكر ردفه
وأرسل إلى بني النجار أخواله
فجاؤوا متقلدين سيوفهم
فسار نحو المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف
فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي
وكانوا مائة رجل.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#84
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

الدخول في المدينة

ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
كانت البيوت والسكك ترتج بأصوات التحميد والتقديس
وكانت بنات الأنصار تتغنى

بهذه الأبيات فرحاً وسروراً
أشرق البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع

والأنصار إن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة
إلا أن كل واحد منهم
كان يتمنى أن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم عنده
فكان لا يمر بدار من دور الأنصار
إلا أخذوا خطام راحلته هلّم إلى العدد
والعدة والسلاح والمنعة
فكان يقول لهم خلوا سبيلها فإنها مأمورة
فلم تزل سائرة به حتى وصلت
إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت
ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلاً
ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول
فنزل عنها
وذلك في بني النجار أخواله
صلى الله عليه وسلم
وكان من توفيق اللَّه لها
فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك
فجعل الناس يكلمون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في النزول عليهم
بادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله
فأدخله ببيته
فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول المرء
مع رحله
وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته
وكانت عنده.

إلى هنا انتهى قسم من حياته صلى الله عليه وسلم
وتم دور من الدعوة الإسلامية
وهو الدور المكي.

الحيَاة في المدينة
يمكن تقسيم العهد المدني إلى ثلاث مراحل

1 مرحلة أثيرت فيها القلاقل والفتن
وأقيمت فيها العراقيل من الداخل
وزحف فيها الأعداء إلى المدينة
وهذه المرحلة تنتهي إلى صلح الحديبية
في ذي القعدة سنة 6 من الهجرة.

2 مرحلة الهدنة مع الزعامة الوثنية
وتنتهي بفتح مكة
في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة
وهي مرحلة دعوة الملوك إلى الإسلام

3 مرحلة دخول الناس في دين اللَّه أفواجاً
وهي مرحلة توافد القبائل والأقوام إلى المدينة
وهذه المرحلة تمتد
إلى انتهاء حيارة الرسول صلى الله عليه وسلم
في ربيع الأول سنة 11 من الهجرة.

بناء المسجد النبوي

وأول خطوة خطاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بعد ذلك هو إقامة المسجد النبوي
ففي المكان الذي بركت فيه ناقته أمر ببناء هذا المسجد
واشتراه من غلامين يتيمين كان يملكانه
وساهم في بنائه بنفسه
كان ينقل الحجارة ويقول

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للأنصار والمهاجرة
وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة
في البناء

وكانت في ذلك المكان قبور المشركين
فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بقبور المشركين فنبشت
وبالخرب فسويت
وبالنخل والشجرة فقطعت
وصفت في قبلة المسجد
وكانت القبلة إلى بيت المقدس
وجعلت عضادتاه من حجارة
وأقيمت حيطانه من الطين
وجعل سقفه من جريد النخل
وعمده الجذوع
وفرشت أرضه من الرمال والحصباء
وجعلت له ثلاثة أبواب
وطوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع
والجانبان مثل ذلك أو دونه
وكان أساسه قريباً من ثلاثة أذرع
وبنى بيوتاً إلى جانبه
وسقفها بالجريد والجذوع
وهي حجرات أزواجه صلى الله عليه وسلم
وبعد تكامل الحجرات انتقل إليها من بيت أبي أيوب.
ولم يكن المسجد موضعاً لأداء الصلوات فحسب
بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته
وكان مع هذا كله داراً يسكن فيها عدد كبير
من فقراء المهاجرين اللاجئين
الذين لم يكن لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا بنون
وفي أوائل الهجرة شرع الأذان
التي تدوي في الآفاق
كل يوم خمس مرات
والتي ترتج لها أنحاء عالم الوجود

المؤاخاة بين المسلمين

وكما قام النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد
مركز التجمع والتآلف
قام بعمل آخر من أروع ما يأثره التاريخ
وهو المؤاخاة بين المهاجرين الأنصار
قال ابن القيم ثم آخى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بين المهاجرين الأنصار
في دار أنس بن مالك
وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين
ونصفهم من الأنصار
آخى بينهم على المواساة
ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام
إلى حين وقعة بدر

فلما أنزل اللَّه عز وجل
(وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)

ومعنى هذا الإخاء كما قال محمد الغزالي
أن تذوب عصبيات الجاهلية
فلا حمية إلا للإسلام
وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن
فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه.
وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة
عقداً نافذاً لا لفظاً فارغاً وعملاً يرتبط بالدماء والأموال
لا تحية تثرثر بها الألسنة ولا يقوم لها أثر.
وكانت عواطف الإيثار والمواساة
تمتزج في هذه الأخوة
وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#85
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

حقاً فقد كانت هذه المؤاخاة حكمة فذة
وسياسة صائبة حكيمة

غزوة بدر الكبرى

أول معركة من معارك الإسلام
أن عيراً لقريش أفلتت من النبي صلى الله عليه وسلم
في ذهابها من مكة إلى الشام
ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة
بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد اللَّه
وسعيد بن زيد إلى الشمال
ليقوما باكتشاف خبرها
فوصلا إلى الحوراء
ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير
فأسرعا إلى المدينة
وأخبرا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالخبر
كانت العير محمَّلة بثرواتٍ طائلة من أهل مكة
ألف بعير موقرة بالأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي
ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلاً
أعلن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسلمين
قائلاً هذه عير قريش فيها أموالهم
فاخرجو إليها لعل اللَّه ينفلكموها.

واستعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للخروج
واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم
ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي
وكان هذا اللواء أبيض.

وقسم جيشه إلى ...

1. كتيبة المهاجرين، وأعطى علمها لعلي بن أبي طالب.
2. كتيبة الأنصار، وأعطى علمها لسعد بن معاذ

وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام
وعلى الميسرة المقداد بن عمرو
وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش
وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصع
وظلت القيادة العامة في يده صلى الله عليه وسلم
كقائد أعلى للجيش.

سار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في هذا الجيش
ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة
حتى بلغ بئر الروحاء
ولما ارتحل منها ترك طريق مكة بيسار
وانحرف ذات اليمين على النازية يريد بدراً
فسلك في ناحية منها
حتى وادياً يقال له رحقان بين النازية

وأما خبر العير فإن أبا سفيان
وهو المسؤول عنها
كان على غاية من الحيطة والحذر
فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار
وكان يتحسس الأخبار
ويسأل من لقي من الركبان
ولم يلبث أن نقلت إليه استخباراته
بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد استنفر أصحابه
ليوقع بالعير

وحينئذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري
إلى مكة مستصرخاً لقريش بالنفير إلى غيرهم
ليمنعوه من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وخرج ضمضم سريعاً حتى أتى مكة
فصرخ ببطن الوادي واقفاً على بعيره
وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش
اللطيمة، اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان
قد عرض لها محمد في أصحابه
لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#86
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

ثم انطلقا، فبادر أبو سفيان إلى مناخهما
فأخذ من أبعار بعيرهما
ففته، فإذا فيه النوى
فقال: هذه واللَّه علائف يثرب
فرجع إلى عيره سريعاً
وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً
تاركاً الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار
وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة
وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة.

أما استخبارات جيش المدينة

فقد نقلت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو لا يزال في الطريق
خبر العير والنفير
وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار
أنه لم يبق مجال للاجتناب
وأنه لا بد من إقدام يبنى على الشجاعة والبسالة
والجراءة والجسارة
فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس
خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيماً
لمكانة قريش العسكرية
وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً لها
ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجىء
عقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجلساً عسكرياً استشارياً
أشار فيه إلى الوضع الراهن
وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه وقادته.
وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس
وخافوا اللقاء الدامي

وهم الذين قال اللَّه فيهم
(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ
وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ
إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ)

وأما قادة الجيش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن
ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن
ثم قام المقداد بن عمرو فقال
يا رسول اللَّه امض لما أراك اللَّه فنحن معك
واللَّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى
اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ههنا قاعدون
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون
فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد
لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له به.
وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين
وهم أقلية في الجيش
فأحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يعرف
رأي قادة الأنصار
لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش
ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم
مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال
خارج ديارهم فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة أشيروا علي
أيها الناس وإنما يريد الأنصار
وفطن ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ
فقال
واللَّه لكأنك تريدنا يا رسول اللَّه؟
قال: أجل.
قال: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به
هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة
فامض يا رسول اللَّه لما أردت فوالذي بعثك بالحق
لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك
ما تخلف منا رجل واحد
وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إن لصبر في الحرب
صدق في اللقاء
ولعل اللَّه يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة اللَّه.

فسر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقول سعد
ثم قال: سيروا وأبشروا فإن اللَّه تعالى قد وعدني
إحدى الطائفتين
واللَّه لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#87
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وهناك قام بنفسه بعملية الاستكشاف مع رفيقه في الغار
أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه
وبينما هما يتجولان حول معسكر مكة
إذا هما بشيخ من العرب
فسأله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قريش
وعن محمد وأصحابه
سأل عن الجيشين زيادة في التكتم
ولكن الشيخ قال
لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟
فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إذا أخبرتنا أخبرناك قال: أو ذاك بذلك؟ قال: نعم.

قال الشيخ فإنه بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا
يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني
فهم اليوم بمكان كذا وكذا
للمكان الذي به جيش المدينة
وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا
فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا
للمكان الذي به جيش مكة.
ولما فرغ من خبره قال: ممن أنتما؟
فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نحن من ماء
ثم انصرف عنه


نزول المطر

وأنزل اللَّه عز وجل في تلك الليلة مطراً واحداً
فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم
وكان على المسلمين طلا طهرهم به
وأذهب عنهم رجس الشيطان
ووطأ به الأرض
وصلب به الرمل، وثبت الأقدام
ومهد به المنزل، وربط به على قلوبهم.

وتحرك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر
ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه
فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر
وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال
يا رسول اللَّه، أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكم اللَّه
ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه
أم هو الرأي والحرب والمكيدة
قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة.

قال: يا رسول اللَّه
فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء
من القوم - قريش - فننزله ونغوّر -
أين نخرب - ما وراءه من القلب -
ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب
ولا يشربون، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
لقد أشرت بالرأي.

فنهض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالجيش
حتى أتى أقرب ماء من العدو فنزل عليه شطر الليل
وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء
اقترح سعد بن معاذ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أن يبني المسلمون مقراً لقيادته استعداداً للطوارىء
وتقديراً للهزيمة قبل النصر، حيث قال:
يا نبي اللَّه ألا نبني لك عريشاً تكون فيه
ونعد عندك ركائبك
ثم نلقى عدونا
فإن أعزنا اللَّه وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا
وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك
فلحقت بمن وراءنا من قومنا
فقد تخلف عنك أقوام يا نبي اللَّه
ما نحن بأشد لك حباً منهم ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك
يمنعك اللَّه بهم يناصحونك ويجاهدون معك.
فأثنى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
خيراً ودعا له بخير
وبنى المسلمون عريشاً على تل مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال
ويشرف على ساحة المعركة.
كما تم انتخاب فرقة من شباب الأنصار
بقيادة سعد بن معاذ يحرسون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
حول مقر قيادته.
ثم مشى مع جيشه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
الى موضع المعركة
وجعل يشير بيده هذا مصرع فلان غدا إن شاء اللَّه
وهذا مصرع فلان غدا إن شاء اللَّه
ثم بات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي
إلى جذع شجرة
وبات المسلمون ليلهم هادىء الأنفاس منير الآفاق
غمرت الثقة قلوبهم
وأخذوا من الراحة قسطهم
يأملون أن يروا بشائر ربهم بعيونهم صباحاً

(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ
وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ
وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)

كانت هذه الليلة ليلة الجمعة، السابع عشر من شهر رمضان
في السنة الثانية من الهجرة
وكان خروجه في 8 أو 12 من نفس الشهر.
ولما طلع المشركون وترآى الجمعان
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك
وتكذب رسولك
اللهم فنصرك الذي وعدتني
اللهم أحنهم الغداة وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ورأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر
إن يكن في أحد من القوم خير
فعند صاحب الجمل الأحمر
إن يطيعوه يرشدوا.
وعدل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين
وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب
فقد كان في يده قدح يعدل به
وكان سواد بن غزية مستنصلاً من الصف
فطعن في بطنه بالقدح وقال
استو يا سواد
فقال سواد يا رسول اللَّه أوجعتني فأقدني
فكشف عن بطنه
وقال: استقد، فاعتنقه سواد وقبل بطنه
فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟
قال: يا رسول اللَّه قد حضر ما ترى
فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك
فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخير.
ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه
بأن لا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة
ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب فقال
إذا أكثبوكم - يعني كثروكم
فارموهم واستبقوا نبلكم
ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم
ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصة
وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش.
أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم
فقال: اللهم اقطعنا للرحم وآتنا بما لا نعرفه فأحنه الغداة
اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم

وفي ذلك أنزل اللَّه
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ
فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)

وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد المخزومي
وكان رجلاً شرساً سيء الخلق
خرج قائلاً أعاهد اللَّه لأشربن من حوضهم
أو لأهدمنه أو لأموتن دونه
فلما خرج
خرج إليه حمزة بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه
فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه
وهو دون الحوض
فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه
ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد أن تبر يمينه
ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى
أتت عليه وهو داخل الحوض.
وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة
فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا
من عائلة واحدة
وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة
والوليد بن عتبة فلما انفصلوا من الصف
طلبوا المبارزة فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار
عوف ومعوذ ابنا الحارث
وأمهما عفراء
وعبد اللَّه بن رواحة
فقالوا: من أنتم
قالوا رهط من الأنصار
قالوا: أكفاء كرام
ما لنا بكم حاجة
وإنما نريد بني عمنا
ثم نادى مناديهم يا محمد
أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي
فلما قاموا ودنوا منهم
قالوا من أنتم؟ فأخبروهم فقالوا
أنتم أكفاءٌ كرام
فبارز عبيدة - وكان أسن القوم - عتبة بن ربيعة
وبارز حمزة شيبة
وبارز علي الوليد
فأما حمزة وعلي فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما
وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان
فأثخن كل واحد منهما صاحبه
ثم كر علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة
قد قطعت رجله
فلم يزل صمتاً حتى مات بالصفراء بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر
حينما كان المسلمون في طريقهم إلى المدينة.
وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة إلى المشركين
فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة فاستشاطوا غضباً
وكروا على المسلمين كرة رجل واحد.
وأما المسلمون فبعد أن استنصروا
ربهم واستغاثوه وأخلصوا له وتضرعوا إليه
تلقوا هجمات المشركين المتوالية
وهم مرابطون في مواقعهم
واقفون موقف الدفاع
وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة
وهم يقولون أحد أحد.
وأما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف
يناشد ربه ما وعده من النصر
ويقول اللهم أنجز لي ما وعدتني
اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك
حتى إذا حمي الوطيس، واستدارت الحرب بشدة
واحتدم القتال وبلغت المعركة قمتها
قال: اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد
اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً
وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه
فرده عليه الصديق
وقال: حسبك يا رسول اللَّه
ألححت على ربك.

وأوحى اللَّه إلى ملائكته
(أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)
وأوحى إلى رسوله
(أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)

أي أنهم ردف لكم
أو يردف بعضهم بعضاً
لا يأتون دفعة واحدة.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#88
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي
ولكنه لم يزل حذراً متيقظاً
ولما اقترب من بدر تقدم عيره
حتى لقي مجدي بن عمرو
وسأله عن جيش المدينة
فقال: ما رأيت أحداً أنكره إلا أني قد رأيت راكبين
قد أناخا إلى هذا التل
ثم استقيا في شن لهما

نزول الملائكة

وفي رواية محمد بن إسحاق قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أبشر يا أبا بكر
أتاك نصر اللَّه، هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده
على ثناياه النقع.
ثم خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من باب العريش
وهو يثب في الدرع ويقول

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)

ثم أخذ حفنة من الحصباء
فاستقبل بها قريشاً وقال شاهت الوجوه
ورمى بها في وجوههم
فما من المشركين أحد إلا أصاب عينه ومنخريه
وفمه من تلك القبضة

في ذلك أنزل اللَّه
(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)

وبدأت أمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين
واقتربت المعركة من نهايتها
وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب

أما الطاغية الأكبر أبو جهل
فإنه لما رأى أول أمارات الاضطراب في صفوفه
حاول أن يصمد في وجه هذا السيل
فجعل يشجع جيشه
ولكن سرعان ما تبدى له حقيقة هذه الغطرسة
فما لبث إلا قليلاً حتى أخذت الصفوف تتصدع
أمام تيارات هجوم المسلمين.
وحينئذ ظهر هذا الطاغية
ورآه المسلمون يجول على فرسه
وكان الموت ينتظر أن يشرب من دمه
بأيدي غلامين أنصاريين.

انتهت المعركة بهزيمة ساحقة بالنسبة إلى المشركين
وبفتح مبين بالنسبة للمسلمين
وقد استشهد من المسلمين في هذه المعركة
أربعة عشر رجلاً
ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.
أما المشركون فقد لحقتهم خسائر فادحة
قتل منهم سبعون وأسر سبعون
وعامتهم القادة والزعماء
ولما انقضت الحرب أقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
حتى وقف على القتلى

فقال: بئس العشيرة كنتم لنبيكم
كذبتموني وصدقني الناس
وخذلتموني ونصرني الناس
وأخرجتموني وآواني الناس
ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر.

فر المشركون من ساحة بدر في صورة غير منظمة
تبعثروا في الوديان والشعاب
واتجهوا صوب مكة مذعورين
لا يدرون كيف يدخلونها خجلاً.

وكان اليهود والمنافقون قد أرجفوا في المدينة بإشاعة الدعايات الكاذبة
حتى إنهم أشاعوا خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم
ولما رأى أحد المنافقين زيد بن حارثة راكباً القصواء
ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قال: لقد قتل محمد، وهذه ناقته نعرفها
وهذا زيد لا يدري ما يقول من الرعب، وجاء فلاّ.
لما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة
استشار أصحابه في الأسرى
فقال أبو بكر يا رسول اللَّه هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان
وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية
فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار
وعسى أن يهديهم اللَّه
فيكونوا لنا عضداً.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ما ترى يا ابن الخطاب؟
قال: قلت واللَّه ما أرى ما رأى أبو بكر
ولكن أرى أن تمكنني من فلان
قريب لعمر فأضرب عنقه
وتمكن علياً من عقيل بن أبي طالب فيضرب عنقه
وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه
فهوى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر
ولم يهو ما قلت
وأخذ منهم الفداء
فلما كان من الغد قال عمر فغدوت
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر
هما يبكيان
فقلت يا رسول اللَّه أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟
فإن وجدت بكاء بكيت
وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء
فقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة
شجرة قريبة.

وأنزل اللَّه تعالى
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى
حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)

واستقر الأمر على رأي الصديق فأخذ منهم الفداء
وكان الفداء من أربعة آلاف درهم إلى ثلاثة آلاف درهم
إلى ألف درهم
وكان أهل مكة يكتبون
وأهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن عنده فداء
دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم
فإذا حذقوا فهو فداء.
وفي السنة الثانية من الهجرة فرض صيام رمضان
وفرضت زكاة الفطر
وبينت أنصبة الزكاة الأخرى
وكانت فريضة زكاة الفطر وتفصيل أنصبة الزكاة الأخرى
تخفيفاً لكثير من الأوزار التي يعانيها
عدد كبير من المهاجرين اللاجئين
الذين كانوا فقراء لا يستطيعون ضرباً في الأرض.
ومن أحسن المواقع
أن أول عيد تعيد به المسلمون في حياتهم
هو العيد الذي وقع في شوال سنة 2هـ
إثر الفتح المبين الذي حصلوا عليه في غزوة بدر
فما أروق هذا العيد السعيد الذي جاء به اللَّه
بعد أن توج هامتهم بتاج الفتح والعز
وما أروع منظر تلك الصلاة التي صلوها بعد
أن خرجوا من بيوتهم يرفعون أصواتهم بالتكبير
والتوحيد والتحميد
وقد فاضت قلوبهم رغبة إلى اللَّه
وحنينا إلى رحمته ورضوانه

وذكرهم بذلك قائلاً
(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ
تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#89
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

استعداد قريش لمعركة ناقمة

كانت مكة تحترق غيظاً على المسلمين مما أصابها
في معركة بدر من مأساة الهزيمة وقتل الصناديد والأشراف
وكانت تجيش فيها نزعات الانتقام وأخذ الثأر
حتى إن قريشاً كانوا قد منعوا البكاء على قتلاهم في بدر
ومنعوا من الاستعجال في فداء الأسرى
حتى لا يتفطن المسلمون مدى مأساتهم وحزنهم.
وعلى إثر غزوة بدر اتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين
تشفي غيظها وتروي غلة حقدها
وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة
وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية
وأبو سفيان بن حرب، وعبد اللَّه بن ربيعة
أكثر زعماء قريش نشاطاً وتحماساً لخوض المعركة.
وأول ما فعلوه بهذا الصدد أنهم احتجزوا العير
التي كان قد نجا بها أبو سفيان
والتي كانت سبباً لمعركة بدر.
وقالوا للذين كانت فيها أموالهم يا معشر قريش
إن محمداً قتل خياركم
فأعينونا بهذا المال على حربه
لعلنا ندرك منه ثأراً، فأجابوا لذلك
فباعوها وكانت ألف بعير
والمال خمسين ألف دينار

وفي ذلك أنزل اللَّه تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ)

ولما استدارت السنة كانت مكة قد استكملت عدتها
واجتمع إليها من المشركين ثلاثة آلاف مقاتل
من قريش والحلفاء
وكانت القيادة العامة إلى أبي سفيان بن حرب
وقيادة الفرسان إلى خالد بن الوليد
يعاونه عكرمة بن أبي جهل
أما اللواء فكان إلى بني عبد الدار.
جيش مكة يتحرك:
تحرك الجيش المكي بعد هذا الإعداد التام نحو المدينة
وكانت الثارات القديمة والغيظ الكامن
يشعل البغضاء في القلوب
وكان العباس بن عبد المطلب يرقب حركات قريش
واستعداداتها العسكرية
فلما تحرك هذا الجيش بعث العباس رسالة مستعجلة
إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ضمنها جميع تفاصيل الجيش.
وأسرع رسول العباس بإبلاغ الرسالة
وجد في السير حتى إنه قطع الطريق بين مكة والمدينة
التي تبلغ مسافتها إلى خمسمائة كيلومتراً
في ثلاثة أيام
وسلم الرسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو في مسجد قباء.
قرأ الرسالة على النبي صلى الله عليه وسلم
أبي بن كعب فأمره بالكتمان
وعاد مسرعاً إلى المدينة
وتبادل الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار.
وظلت المدينة في حالة استنفار عام
لا يفارق رجالها السلاح حتى وهم في الصلاة
وقامت بعض من الأنصار
فيهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة
بحراسة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فكانوا يبيتون على بابه وعليهم السلاح.
وقامت على مداخل المدينة وأنقابها
مفرزات تحرسها
وقامت دوريات من المسلمين
لاكتشاف تحركات العدو
تتجول حول الطرق التي يحتمل
أن يسلكها المشركون للإغارة على المسلمين
وتابع جيش مكة سيره على الطريق الغربية الرئيسية المعتادة
ولما وصل إلى الأبواء
اقترحت هند بنت عتبة
زوج أبي سفيان
بنبش قبر أم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بيد أن قادة الجيش رفضوا هذا الطلب
وحذروا من العواقب الوخيمة التي تلحقهم
لو فتحوا هذا الباب.

ثم واصل جيش مكة سيره حتى اقترب من المدينة
فسلك وادي العقيق
ثم انحرف منه إلى ذات اليمين حتى نزل
قريباً بجبل أحد في مكان يقال له عينين في بطن السبخة
من قناة على شفير الوادي
الذي يقع شمالي المدينة
فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال
سنة ثلاث من الهجرة.
ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس يوم الجمعة
فوعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد
وأخبر أن لهم النصر بما صبروا
وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم
ففرح الناس بذلك.
ثم صلى بالناس العصر
وقد حشدوا وحضر أهل العوالي ثم دخل بيته
ومعه صاحباه أبو بكر وعمر
لبس درعاً فوق درع وتقلد السيف
ثم خرج على الناس.

وقسم النبي صلى الله عليه وسلم جيشه إلى ثلاث كتائب

1. كتيبة المهاجرين
وأعطى لواءها مصعب بن عمير العبدري.
2. كتيبة الأوس من الأنصار
وأعطى لواءها أسيد بن حضير.
3. كتيبة الخزرج من الأنصار
وأعطى لواءها الحباب بن المنذر.
وكان الجيش من ألف مقاتل فيهم مائة دارع
وخمسون فارساً وقيل لم يكن من الفرسان أحد

واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة
بمن بقي في المدينة
وأذن بالرحيل فتحرك الجيش نحو الشمال
وخرج السعدان أمام النبي صلى الله عليه وسلم
يعدوان دارعين.
ولما جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة التسليح منفردة
عن سواد الجيش
فسأل عنها، فأخبر أنهم اليهود من حلفاء الخزرج
يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين
فسأل هل أسلموا؟ فقالوا
لا، فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك.

وعندما وصل إلى مقام يقال له الشيخان
استعرض جيشه، فرد من استصغره
ولم يره مطيقاً للقتال
وأجاز راع بن خديج
وسمرة بن جندب على صغر سنهما
وذلك أن رافع بن خديج كان ماهراً في رماية النبل
فأجازه فقال سمرة أنا أقوى من رافع، أنا أصرعه
فلما أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك
أمرهما أن يتصارعا أمامه، فتصارع
فصرع سمرة رافعاً، فأجازه أيضاً.

وفي هذا المكان أدركهم المساء
فصلى المغرب، ثم صلى العشاء
وبات هناك
وانتخب خمسين رجلاً لحراسة المعسكر يتجولون حوله
وقبل طلوع الفجر بقليل أدلج حتى إذا كان
بالشوط صلى الفجر
وكان بمقربة من العدو
فقد كان يراهم ويرونه
وهناك تمرد عبد اللَّه بن أبي المنافق
فانسحب بنحو ثلث العسكر - ثلاثمائة مقاتل
قائلاً ما ندري علام نقتل أنفسنا؟
ومتظاهراً بالاحتجاج بأن الرسول صلى الله عليه وسلم
ترك رأيه وأطاع غيره.
ولا شك أن سبب هذا الانعزال
لم يكن هو ما أبداه هذا المنافق من رفض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأيه
وإلا لم يكن لسيره مع الجيش النبوي إلى هذا المكان
المعنى
بل لو كان هذا هو السبب
لانعزل عن الجيش منذ بداية سيره
بل كان هدفه الرئيسي من هذا التمرد
في ذلك الظرف الدقيق
أن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين
على مرأى ومسمع من عدوهم
حتى ينحاز عامة الجيش عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتنهار معنويات من يبقى معه
بينما يتشجع العدو
وتعلو همته لرؤية هذا المنظر
فيكون ذلك أسرع إلى القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المخلصين
ويصحو بعد ذلك الجو لعودة الرياسة إلى هذا المنافق وأصحابه.
وكاد المنافق ينجح في تحقيق بعض ما كان يهدف إليه
فقد همت طائفتان
بني حارثة من الأوس، وبنو سلمة من الخزرج
أن تفشلا، ولكن اللَّه تولاهما فثبتتا بعد ما سرى
فيهما الاضطراب وهمتا بالرجوع والانسحاب

وعنهما يقول اللَّه تعالى
(إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا
وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ)

وحاول عبد اللَّه بن حرام
والد جابر بن عبد اللَّه - تذكير هؤلاء المنافقين
بواجبهم في هذا الظرف الدقيق
فتبعهم وهو يوبخهم ويحضهم على الرجوع
ويقول تعالوا قاتلوا في سبيل اللَّه أو ادفعوا
قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع
فرجع عنهم عبد اللَّه بن حرام قائلاً
أبعدكم اللَّه، أعداء اللَّه، فسيغني اللَّه عنكم نبيه.

وفي هؤلاء المنافقين يقول اللَّه تعالى

(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ
مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُون)
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#90
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وانتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة الذهبية

فاستدار بسرعة خاطفة حتى وصل إلى مؤخرة الجيش الإسلامي
فلم يلبث أن أباد عبد اللَّه بن جبير وأصحابه
ثم انقض على المسلمين من خلفهم
وصاح فرسانه صيحة عرف المشركون المنهزمون بالتطور الجديد
فانقلبوا على المسلمين
وأسرعت امرأة منهم
وهي عمرة بنت علقمة الحارثية
فرفعت لواء المشركين المطروح على التراب
فالتف حوله المشركون
وتنادى بعضهم بعضاً
حتى اجتمعوا على المسلمين وثبتوا للقتال
وأحيط المسلمون من الأمام والخلف

وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حينئذ
أمامه طريقان

إما أن ينجو - بالسرعة - بنفسه وبأصحابه التسعة
إلى ملجأ مأمون
ويترك جيشه المطوق إلى مصيره المقدور
وإما أن يخاطر بنفسه فيدعو أصحابه ليجمعهم حوله
ويتخد بهم جبهة قوية يشق بها الطريق
لجيشه المطوق إلى هضاب أحد.

وهناك تجلت عبقرية الرسول صلى الله عليه وسلم
وشجاعته المنقطعة النظير
فقد رفع صوته ينادي أصحابه

عباد اللَّه، وهو يعرف أن المشركين سوف يسمعون صوته
قبل أن يسمعه المسلمون
ولكنه ناداهم ودعاهم مخاطراً بنفسه
في هذا الظرف الدقيق.
أما المسلمون فلما وقعوا في التطويق
طار صواب طائفة منهم
فلم تكن تهمها إلا أنفسها
فقد أخذت طريق الفرار
وتركت ساحة القتال
وهي لا تدري ماذا وراءها؟

وفر من هذه الطائفة بعضهم إلى المدينة حتى دخلها
وانطلق بعضهم إلى فوق الجبل
ورجعت طائفة أخرى فاختلطت بالمشركين
والتبس العسكران، فلم يتميزوا
فوقع القتل في المسلمين بعضهم من بعض

ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار
وهو يتشحط في دمه

فقال: يا فلان أشعرت أن محمداً قد قتل؟
فقال الأنصاري إن كان محمد قد قتل فقد بلغ فقاتلوا
عن دينكم.

وبمثل هذا الاستبسال والتشجيع عادت إلى جنود المسلمين
روحهم المعنوية
ورجع إليهم رشدهم وصوابهم

فعدلوا عن فكرة الاستسلام وأخذوا سلاحهم
يهاجمون تيارات المشركين
وهم يحاولون شق الطريق إلى مقر القيادة
وقد بلغهم أن خبر مقتل النبي صلى الله عليه وسلم
كذب مختلق
فزاد ذلك قوة على قوتهم
فنجحوا في الإفلات عن التطويق
وفي التجمع حول مركز منيع بعد أن باشروا القتال المرير
وجالدوا بضراوة بالغة.
وكانت هناك طائفة ثالثة لم يكن يهمهم
إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقد كرت هذه الطائفة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وعمل التطويق في بدايته

وفي مقدمة هؤلاء
أبو بكر الصديق
وعمر بن الخطاب
وعلي بن أبي طالب
وغيرهم رضي اللَّه عنهم
كانوا في مقدمة المقاتلين

فلما أحسوا بالخطر على ذاته الشريفة عليه الصلاة والسلام
صاروا في مقدمة المدافعين.
احتدام القتال حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وبينما كانت تلك الطوائف تتلقى أواصر التطويق
تطحن بين شقى رحى المشركين
كان العراك محتدماً حول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقد ذكرنا أن المشركين
لما بدأوا عمل التطويق
لم يكن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا تسعة نفر
فلما نادى المسلمين هلم إلي
أنا رسول اللَّه، سمع صوته المشركون
وعرفوه فكروا إليه
ومالوا إليه بثقلهم قبل أن يرجع إليه أحد من جيش المسلمين
فجرى بين المشركين وبين هؤلاء النفر التسعة من الصحابة عراك عنيف

ظهرت فيه نوادر الحب والتفاني والبسالة والبطولة

روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش
فلما رهقوه قال
من يردهم عنا وله الجنة؟
أو هو رفيقي في الجنة؟
فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل
ثم رهقوه أيضاً فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لصاحبيه
أي القرشيين
ما أنصفنا أصحابنا.
وكان آخر هؤلاء السبعة
هو عمارة بن يزيد بن السكن
قاتل حتى أثبتته الجراحة فسقط.

وبعد سقوط ابن السكن بقي الرسول صلى الله عليه وسلم
في القرشيين فقط
ففي الصحيحين عن أبي عثمان قال
لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم
في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن
غير طلحة بن عبيد اللَّه وسعد بن أبي وقاص
وكانت أحرج ساعة بالنسبة إلى حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وفرصة ذهبية بالنسبة إلى المشركين
ولم يتوان المشركون في انتهاز تلك الفرصة
فقد ركزوا حملتهم على النبي صلى الله عليه وسلم
وطمعوا في القضاء عليه
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته
وشج في رأسه
فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قوم شجوا
وجه نبيهم
وكسروا رباعيته
وهو يدعوهم إلى اللَّه

فأنزل اللَّه عز وجل
(لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)

وفي رواية الطبراني أنه قال يومئذ اشتد غضب اللَّه
على قوم دموا وجه رسوله
ثم مكث ساعة ثم قال
اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
وكذا في صحيح مسلم
أنه كان يقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون

ولا شك أن المشركين كانوا يهدفون إلى القضاء
على حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إلا أن القرشيين سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد اللَّه
قاما ببطولة نادرة
وقاتلا ببسالة منقطعة النظير
حتى لم يتركا وهما اثنان فحسب
سبيلاً إلى نجاح المشركين في هدفهم
وكانا من أمهر رماة العرب فتناضلا
حتى أجهضا مفرزة المشركين عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .

وأما طلحة بن عبيد اللَّه
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه
يومئذ من ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد اللَّه.
وروى أبو داود الطيالسي عن عائشة قالت
كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال
ذلك اليوم كله لطلحة
وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة
أنزل اللَّه نصره بالغيب
ففي الصحيحين عن سعد، قال
رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد
ومعه رجلان يقاتلان عنه
عليهما ثياب بيض كأشد القتال
ما رأيتهما قبل ولا بعد
وفي رواية يعني جبريل وميكائيل
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#91
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

غزوة الاحزاب

خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود
وسادات بني النضير إلى قريش بمكة
يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم
ووعدهم من أنفسهم بالنصر لهم فأجابتهم قريش

ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان
فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا
فاستجاب له من استجاب
وفعلا خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم
من أهل تهامة
وقائدهم أبو سفيان
في أربعة آلاف
ووافاهم بنو سليم بمر الظهران
وخرجت من الشرق قبائل غطفان بنو فزارة
يقودهم عيينة بن حصن
وبنو مرة، يقودهم الحارث بن عوف
وبنو أشجع يقودهم مسعر بن رخيلة
كما خرجت بنو أسد وغيرها.
واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة
على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه.
وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش
يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل
جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة
من النساء والصبيان والشباب والشيوخ.
ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة
لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة
تتجسس الظروف وتقدر ما يتمخض عن مجراها
فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها
حتى نقلت استخبارات المدينة إلى قيادتها فيها
بهذا الزحف الخطير
وسارع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى
عقد مجلس استشاري
تناول فيه موضوع خطة الدفاع عن كيان المدينة
وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى
اتفقوا على قرار
قدمه الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه
قال سلمان يا رسول اللَّه
إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا
وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك.
وأسرع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إلى تنفيذ هذه الخطة
فوكل إلى كل عشرة رجال
أن يحفروا من الخندق أربعين ذراعاً.
وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يحثهم ويساهمهم في عملهم هذا

ففي البخاري عن سهل بن سعد
قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب
على أكتادنا

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للمهاجرين والأنصار

كان المسلمون يعملون بهذا النشاط
وهم يقاسون من شدة الجوع
وأقبلت قريش في أربعة آلاف
حتى نزلت بمجتمع الأسيال

وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد في ستة آلاف
حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد

(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا
هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)

وأما المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت
قلوبهم لرؤية هذا الجيش

(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا)

وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين
فجعلوا ظهورهم إلى جبل سلع فتحصنوا به
والخندق بينهم وبين الكفار
وكان شعارهم هم لا ينصرون
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم
ولما أراد المشركون مهاجمة المسلمين
واقتحام المدينة وجدوا خندقاً عريضاً يحول بينهم وبينها
فالتجأوا إلى فرض الحصار على المسلمين
بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم
إذ كانت هذه الخطة
كما قالوا
مكيدة ما عرفتها العرب
فلم يكونوا أدخلوها في حسابهم رأساً.
وأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضاباً يتحسسون نقطة ضعيفة
لينحدروا منها
وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين يرشقونهم بالنبل
حتى لا يجترئوا على الاقتراب منه
ولا يستطيعوا أن يقتحموه
أو يهيلوا عليه التراب
ليبنوا به طريقاً يمكنهم من العبور.
وقد حاول المشركون في بعض الأيام محاولة بليغة لاقتحام الخندق
أو لبناء الطرق فيها
ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة
ورشقوهم بالنبل وناضلوهم أشد النضال
حتى فشل المشركون في محاولتهم.
ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة
فات بعض الصلوات عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمسلمين
ففي الصحيحين عن جابر رضي اللَّه عنه
أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق
فجعل يسب كفار قريش
فقال: يا رسول اللَّه ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
وأنا واللَّه ما صليتها فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان
فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها
فصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى
بعدها المغرب.
وقد استاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين
ففي البخاري عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال يوم الخندق
ملأ اللَّه عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا
عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس.
وفي مسند أحمد والشافعي
أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء
فصلاهن جميعاً
ومن هنا يتضح أن محاولة العبور من المشركين والمكافحة المتواصلة
من المسلمين دامت أياماً
إلا أن الخندق لما كان حائلاً بين الجيشين
لم يجر بينهما قتال مباشر وحرب دامية
بل اقتصروا على المراماة والمناضلة.
وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين
يعدون على الأصابع ستة من المسلمين
وعشرة من المشركين
بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف.
وفي هذه المراماة رمي سعد بن معاذ رضي اللَّه عنه
بسهم فقطع منه الأكحل
رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة
فدعا سعد
اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك
من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه
اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم
فإن كان بقي من حرب قريش شيء
فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك
وإن كنت وضعت الحرب
فافجرها واجعل موتتي فيها
وقال في آخر دعائه
ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
وبينما كان المسلمون يواجهون
هذه الشدائد على جبهة المعركة
كانت أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها
تريد إيصال السم داخل أجسادهم.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#92
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

انطلق كبير مجرمي بني النضير
إلى ديار بني قريظة فأتى كعب بن أسد القرظي
سيد بني قريظة، وصاحب عقدهم وعهدهم
وكان قد عاقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
على أن ينصره إذا أصابته حرب كما تقدم
فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه
فما زال يكلمه حتى فتح له بابه
فقال حيي إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طام
جئتك بقريش على قادتها وسادتها
حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رومة
وبغطفان على قادتها وسادتها
حتى أنزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أحد
قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا
حتى نستأصل محمداً ومن معه.
فقال له كعب جئتتي واللَّه بذل الدهر
وبجهام قد هراق ماؤه
فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء
ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه
فإني لم أر من محمد إلا صدقاً ووفاءً.
فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب
حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من اللَّه
وميثاقاً لئن رجعت قريش وغطفان
ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك
حتى يصيبني ما أصابك
فنقض كعب بن أسد عهده وبرىء
مما كان بينه وبين المسلمين

ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين.

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول صلى الله عليه وسلم
أثر عميق في حفظ المسلمين ونسائهم
ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام والحصون
في منعة من الجيش الإِسلامي
مع أنها كانت خالية عنهم تماماً
فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل
إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن
كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين
حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملاً.
وانتهى الخبر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه
حتى يستجلي موقف قريظة فيواجهه بما يجب
من الوجهة العسكرية

وبعث لتحقيق الخبر السعدين
سعد بن معاذ
وسعد بن عبادة وعبد اللَّه بن رواحة

وقال: انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا
عن هؤلاء القوم أم لا؟
فإن كان حقاً فالحنوا لي لحناً أعرفه
ولا تفتوا في أعضاد الناس
وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس
فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون
فقد جاهروهم بالسب والعداوة
ونالوا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقالوا: من رسول اللَّه؟
لا عهد بيننا وبين محمد
ولا عقد فانصرفوا عنهم
فلما أقبلوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
لحنوا له
وقالوا: عضل وقارة
أي أنهم على غدر، كغدر عضل وقارة بأصحاب الرجيع.

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون
فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء
يمنعهم من ضربهم من الخلف
بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه
وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة
من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ

وصاروا كما يقول اللَّه
(وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ
وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ
هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا)

ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال
كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر
وأحدنا اليوم لايأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط
وحتى قال بعض آخر في ملأ من رجال قومه
إن بيوتنا عورة من العدو
فأذن لنا أن نخرج، فنرجع إلى دارنا
فإنها خارج المدينة
وحتى همت بنو سلمة بالفشل

وفي هؤلاء أنزل اللَّه
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا
وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ
فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ
إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ
إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا)

أما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فتقنع بثوبه حين أتاه غدر قريظة
فاضطجع ومكث طويلاً حتى اشتد على الناس البلاء
ثم غلبته روح الأمل فنهض يقول اللَّه أكبر
أبشروا يا معشر المسلمين
بفتح اللَّه ونصره
ثم أخذ يخطط لمجابهة الظرف الراهن
وكجزء من هذه الخطة
كان يبعث الحرس إلى المدينة
لئلا يؤتى الذراري والنساء على غرة
ولكن كان لا بد من إقدام حاسم
يفضي إلى تخاذل الأحزاب
وتحقيقاً لهذا الهدف
أراد أن يصالح عيينة بن حصن
والحارث بن عوف رئيسي غطفان
على ثلث ثمار المدينة
حتى ينصرفا بقومهما
ويخلوا المسلمون لإِلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة
على قريش التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مراراً
وجرت المراوضة على ذلك
فاستشار السعدين في ذلك
فقالا يا رسول اللَّه إن كان اللَّه أمرك بهذا فسمعاً وطاعة
وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه
لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك باللَّه
وعبادة الأوثان
وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى
أو بيعا فحين أكرمنا اللَّه بالإِسلام وهدانا له
وأعزنا بك نعطيهم أموالنا
واللَّه لا نعطيهم إلا السيف
فصوب رأيهما
وقال: إنما هو شيء أصنعه لكم
لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة.

ثم إن اللَّه عز وجل وله الحمد
صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم
وفل حدهم
فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان
يقال له نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي
رضي اللَّه عنه
جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول اللَّه إني قد أسلمت
وإن قومي لم يعلموا بإسلامي
فمرني ما شئت
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إنما أنت رجل واحد
فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة
فذهب من فوره إلى بني قريظة
وكان عشيراً لهم في الجاهلية
فدخل عليهم وقال
قد عرفتم ودي إياكم
وخاصة ما بيني وبينكم
قالوا: صدقت
قال فإن قريشاً ليسوا مثلكم
البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم
لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره
وإن قريشاً وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه
وبلدهم وأموالهم ونساؤهم
بغوه فإن أصابوا فرصة انتهزوها
وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منك
قالوا فما العمل يا نعيم
قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن
قالوا: لقد أشرت بالرأي.
ثم مضى نعيم على وجهه إلى قريش
وقال لهم تعلمون ودي لكم ونصحي لكم
قالوا: نعم
قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم
من نقض عهد محمد وأصحابه
وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها
إليه ثم يوالونه عليكم
فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم
ثم ذهب إلى غطفان
فقال لهم مثل ذلك.

فلما كان ليلة السبت من شوال - سنة 5هـ
بعثوا إلى يهود أنا لسنا بأرض مقام
وقد هلك الكراع والخف
فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً
فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت
وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه
ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن
وفلما جاءتهم رسهلم بذلك
قالت قريش وغطفان صدقكم واللَّه نعيم
فبعثوا إلى يهود أنا واللَّه لا نرسل إليكم أحداً
فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً
فقالت قريظة صدقكم واللَّه نعيم
فتخاذل الفريقان
ودبت الفرقة بين صفوفهم
وخارت عزائمهم.

وكان المسلمون يدعون اللَّه تعالى
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا
ودعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
على الأحزاب
فقال اللهم منزل الكتاب
سريع الحساب
اهزم الأحزاب
اللهم اهزمهم وزلزلهم.

وقد سمع اللَّه دعاء رسوله والمسلمين
فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين
وسرى بينهم التخاذل أرسل اللَّه عليهم جنداً
من الريح فجعلت تقوض خيامهم
ولا تدع لهم قدراً إلا كفأتها
ولا طنباً إلا قلعته
ولا يقر لهم قرار، وأرسل جنداً من الملائكة يزلزلونهم
ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#93
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في تلك الليلة الباردة القارصة
حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم
فوجدهم على هذه الحال
وقد تهيأوا للرحيل
فرجع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فأخبره برحيل القوم
فأصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقد رد اللَّه عدوه بغيظه
لم ينالوا خيراً
وكفاه اللَّه قتالهم
فصدق وعده
وأعز جنده، ونصر عبده
وهزم الأحزاب وحده، فرجع إلى المدينة.

وكانت غزوة الخندق
سنة خمس من الهجرة في شوال
على أصح القولين
وأقام المشركون محاصرين
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهراً
أو نحو شهر
ويبدو بعد الجمع بين المصادر
أن بداية فرض الحصار كانت في شوال
ونهايته في ذي القعدة
إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر
بل كانت معركة أعصاب
لم يجر فيها قتال مرير
إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإِسلام
تمخضت عن تخاذل المشركين
وأفادت أن أية قوة من قوات العرب
لا تستطيع استئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة
لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى
مما أتت به في الأحزاب
ولذلك قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
حين أجلى اللَّه الأحزاب الآن نغزوهم لا يغزونا
نحن نسير إليهم.

غزوة بني قريظة

وفي اليوم الذي رجع فيه رسول اللَّه إلى المدينة
جاءه جبريل عليه السلام عند الظهر
وهو يغتسل في بيت أم سلمة
فقال أو قد وضعت السلاح؟
فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم
وما رجعت الآن إلا من طلب القوم
فانهض بمن معك إلى بني قريظة
فإني بسائر أمامك أزلزل بهم حصونهم
وأقذف في قلوبهم الرعب
فسار جبريل في موكب من الملائكة.
فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مؤذناً
فأذن في الناس
من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر
إلا ببني قريظة واستعمل على المدينة
ابن مكتوم وأعطى الراية علي بن أبي طالب
وقدمه إلى بني قريظة
وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في موكبه من المهاجرين والأنصار
حتى نزل على بئر من آبار قريظة
يقال لها بئر أنا
وبادر المسلمون إلى إمتثال أمره
ونهضوا من فورهم
وتحركوا نحو قريظة
وأدركتهم العصر في الطريق
فقال بعضهم لا نصليها إلا في بني قريظة
كما أمرنا حتى أن رجالاً منهم صلوا العصر
بعد العشاء الآخرة
وقال بعضهم لم يرد منا ذلك
وإنما أراد سرعة الخروج
فصلوها في الطريق
فلم يعنف واحدة من الطائفتين.

هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة
حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم
وهم ثلاثة آلاف
والخيل ثلاثون فرساً
فنازلوا حصون بني قريظة
وفرضوا عليهم الحصار.

ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم
رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال
إما أن يسلموا
ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم في دينه
فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم
وقد قال لهم واللَّه لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل
وأنه الذي تجدونه في كتابكم
وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم
بأيديهم ويخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيوف
وإما أن يهجموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه
فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث
وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد
في انزعاج وغضب
ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة
من الدهر حازماً.

ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث

إلا أن ينزلوا على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسلم
لكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض
حلفائهم من المسلمين لعلهم يتعرفون
ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه
فبعثوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أن أرسل إلينا
أبا لبابة نستشيره وكان حليفاً لهم
وكانت أمواله وولده في منطقتهم
فلما رأوه قام إليه الرجال
وجهش النساء والصبيان يبكون في وجهه
فرق لهم
وقالوا .... يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟
قال ... نعم وأشار بيده
إلى حلقه يقول إنه الذبح
ثم علم من فوره أنه خان اللَّه ورسوله
فمضى على وجهه
ولم يرجع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
حتى أتى المسجد النبوي بالمدينة
فربط نفسه بسارية المسجد
وحلف أن لا يحله إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده
وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً.
فلما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبره
وكان قد استبطأه
قال أما إنه لو جاءني لاستغفرت له
أما إذ قد فعل ما فعل
فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب اللَّه إليه.
وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة
قررت قريظة النزول
على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل
لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار
ومناعة الحصون
ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس
والجوع الشديد
وهم في العراء مع شدة التعب الذي اعتراهم
لمواصلة الأعمال الحربية
من قبل بداية معركة الأحزاب
إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب
فقد قذف اللَّه في قلوبهم الرعب
وأخذت معنوياتهم تنهار
وبلغ هذا الانهيار إلى نهايته
أن تقدم علي بن أبي طالب
والزبير بن العوام
وصاح علي يا كتيبة الإيمان
واللَّه لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم.

وحينئذ بادروا إلى النزول
على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
باعتقال الرجال فوضعت القيود
في أيديهم تحت إشراف محمد بن سلمة الأنصاري
وجعلت النساء بمعزل عن الرجال في ناحية
وقامت الأوس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقالوا... يا رسول اللَّه قد فعلت في بني قينقاع
ما قد علمت وهم حلفاء إخواننا الخزرج
وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم
فقال: ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟
قالوا: بلى.
قال: فذاك إلى سعد ابن معاذ
قالوا: قد رضينا.

فأرسل إلى سعد بن معاذ
وكان في المدينة، لم يخرج معهم
للجرح الذي كان أصاب أكحله في معركة الأحزاب. فأركب حماراً
وجاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فجعلوا يقولون
وهم كنفيه يا سعد أجمل في مواليك فأحسن فيهم
فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قد حكمك لتحسن فيهم
وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً
فلما أكثروا عليه قال... لقد آن لسعد
أن لا تأخذه في اللَّه لومة لائم
فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة
فنعى إليهم القوم.
ولما انتهى سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال للصحابة قوموا إلى سيدكم
فلما أنزلوه قالوا... يا سعد إن هؤلاء القوم
قد نزلوا على حكمك
قال: وحكمي نافذ عليهم؟
قالوا: نعم وقال: وعلى المسلمين؟
قالوا: نعم. قال: وعلى من ههنا؟
وأعرض بوجهه
وأشار إلى ناحية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إجلالاً له وتعظيماً
قال: نعم وعلي. قال: فإني أحكم فيهم
أن يقتل الرجال، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
لقد حكمت فيهم بحكم اللَّه من فوق سبع سماوات.
وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف
فإن بني قريظة بالإضافة إلى ما ارتكبوا
من الغدر الشنيع كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين
ألفاً وخمسمائة سيف
وألفين من الرماح وثلاثمائة درع وخمسمائة
ترس وجحفة
حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم.

وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة
الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد
وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين
في أحرج ساعة كانوا يمرون بها في حياتهم
وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب
الذين يستحقون المحاكمة والإعدام
وقتل مع هؤلاء شيطان بني النضير
قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين وهو خلاد بن سويد
ومات في الحصار أبو سنان بن محصن أخو عكاشة.
أما أبو لبابة
فأقام مرتبطاً بالجذع ست ليال تأتيه امرأته
في وقت كل صلاة فتحله للصلاة
ثم يعود فيرتبط بالجذع
ثم نزلت توبته على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو في بيت أم سلمة
فقامت على باب حجرتها
وقالت لي يا أبا لبابة أبشر فقد تاب اللَّه عليك
فثار الناس ليطلقوه
فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم
خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه.
ودام الحصار خمساً وعشرين ليلة.
وأنزل اللَّه تعالى في غزوة الأحزاب
وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب
علق فيها على أهم جزئيات
الوقعة بين حال المؤمنين والمنافقين
ثم تخذيل الأحزاب
ونتائج الغدر من أهل الكتاب
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#94
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

إلى الرفيق الأعلى
طلائع التوديع

لما تكاملت الدعوة وسيطر الإسلام على الموقف
أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء
تطلع من مشاعر صلى الله عليه وسلم
وتتضح بعباراته وأفعاله.
إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً
بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام فحسب
وقال في حجة الوداع إني لا أدري
لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً
وقال
وهو عند جمرة العقبة خذوا عني مناسككم
فلعلي لا أحج بعد عامي هذا
وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق فعرف أنه الوداع
وأنه نعيت إليه نفسه.
وفي أوائل صفر سنة 11هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد
فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات
ثم انصرف إلى المنبر
فقال: إني فرطكم وإني شهيد عليكم
وإني واللَّه لأنظر إلى حوضي الآن
وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض
أو مفاتيح الأرض
وإني واللَّه ما أخاف أن تشركوا بعدي
ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها.
وخرج ليلة في منتصفها
إلى البقيع فاستغفر لهم وقال
السلام عليكم يا أهل المقابر
ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه
أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم
يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى
وبشرهم قائلاً إنا بكم للاحقون.

بداية المرض

شهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جنازة
في البقيع. فلما رجع
وهو في الطريق أخذه صداع في رأسه
واتقدت الحرارة
حتى إنهم يجدون سورتها فوق العصابة
التي تعصب بها رأسه.

وقد صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس
وهو مريض 11 يوماً
وجميع أيام المرض كانت 13، أو 14 يوماً.

الأسبوع الأخير

وثقل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المرض
فجعل يسأل أزواجه أين أنا غداً؟
أين أنا غداً؟
ففهمن مراده
فأذن له يكون حيث شاء
فانتقل إلى عائشة يمشي بين الفضل بن عباس
وعلي بن أبي طالب
عاصباً رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتها
فقضى عندها آخر أسبوع من حياته.

وكانت عائشة رضي الله عنه
تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها
من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فكانت تنفث على نفسه
وتمسحه بيده رجاء البركة.

قبل الوفاة بخمسة أيام

ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة
اتقدت حرارة العلة في بدنه
فاشتد به الوجع وأغمي عليه
فقال: هريقوا على سبع قرب من آبار شتى
حتى أخرج إلى الناس، فأعهد إليهم
فأقعدوه في مخضب
وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم، حسبكم.

وعند ذلك أحس بخفة
فدخل المسجد- وهو معصوب الرأس
حتى جلس على المنبر
وخطب الناس والناس مجتمعون حوله
فقال
لعنة اللَّه على اليهود والنصارى
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
وفي رواية
قاتل اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد
وقال لا تتخذوا قبري وثناً يعبد.
وعرض نفسه للقصاص قائلاً
من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه
ومن كنت شتمت له عرضاً
فهذا عرضي فليستقد منه.
ثم نزل فصلى الظهر
ثم رجع فجلس على المنبر
وعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها
فقال رجل إن لي عندك ثلاثة دراهم
فقال: أعطه يا فضل
ثم أوصى بالأنصار قائلاً
أوصيكم بالأنصار
فإنهم كرشي وعيبتي
وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم
فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم
وفي رواية
أنه قال ...إن الناس يكثرون
وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام
فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً
أو ينفعه فليقبل من محسنهم
ويتجاوز عن مسيئهم.
ثم قال
إن عبداً خيره اللَّه أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده
فاختار ما عنده
قال أبو سعيد الخدري
فبكى أبو بكر
قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له
فقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ
يخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
عن عبد خيره اللَّه بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا.
وبين ما عنده
وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا
فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو المخير
وكان أبو بكر أعلمنا.

ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إن من أأمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر
ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي
لاتخذت أبا بكر خليلاً.
ولكن أخوة الإسلام ومودته
لا يبقين في المسجد باب إلا سد
إلا باب أبي بكر.
قبل أربعة أيام
ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال
وقد اشتد به الوجع
هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده
وفي البيت رجال فيهم عمر
فقال عمر قد غلب عليه الوجع
وعندكم القرآن
حسبكم كتاب اللَّه.
فاختلف أهل البيت واختصموا
فمنهم من يقول قربوا يكتب
لكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ومنهم من يقول ما قال عمر
فلما أكثروا اللغط والاختلاف
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوموا عني.
وأوصى ذلك اليوم بثلاث أوصى
بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب
وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم
أما الثالث فنسيه الراوي
ولعله الوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة
أو تنفيذ جيش أسامة
أو هي الصلاة وما ملكت أيمانكم.
والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض
كان يصلي بالناس جميع صلواته
حتى ذلك اليوم
يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام
وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب
فقرأ فيها بالمرسلات عرفاً.

وعند العشاء زاد ثقل المرض
بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد
قالت عائشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
أصلى الناس؟
قلنا: لا يا رسول اللَّه
وهم ينتظرونك
قال: ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا
فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه
ثم أفاق، فقال: أصلى الناس
ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولى
من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء
فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس
فصلى أبو بكر تلك الأيام 17 صلاة في حياته
صلى الله عليه وسلم.

وراجعت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم
ثلاث أو أربع مرات
ليصرف الإمامة عن أبي بكر حتى لا يتشاءم به الناس فأبى
وقال: إنكن صواحب يوسف
مروا أبا بكر فليصل بالناس.

قبل يوم أو يومين

ويوم السبت أو الأحد
خرج بين رجلين لصلاة الظهر
وأبو بكر يصلي بالناس
فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر
فأومأ إليه بأن لا يتأخر
قال: أجلساني إلى جنبه
فأجلساه إلى يسار أبي بكر
فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ويسمع الناس التكبير.

قبل يوم

وقبل يوم من الوفاة - يوم الأحد
أعتق النبي صلى الله عليه وسلم غلمانه
وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده
ووهب للمسلمين أسلحته
وفي الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح
من جارتها
وكانت درعه صلى الله عليه وسلم مرهونة
عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#95
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

آخر يوم من الحياة

روى أنس بن مالك أن المسلمين بيناهم
في صلاة الفجر من يوم الإثنين
وأبو بكر يصلي بهم
لم يفاجئهم إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم
وهم في صفوف الصلاة
ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه
ليصل الصف
وظن أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يريد أن يخرج إلى الصلاة
فقال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم
فرحا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فأشار إليهم بيده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أن أتموا صلاتكم
ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.
ثم لم يأت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقت صلاة أخرى.
ولما ارتفع الضحى
دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة فسارّها بشيء فبكت ثم دعاها
فسارها بشيءٍ فضحكت
قالت عائشة فسألنا عن ذلك
أي فيما بعد فقالت
سارني النبي صلى الله عليه وسلم
أنه يقبض في وجعه الذي توفى فيه
فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت.

وبشر النبي صلى الله عليه وسلم
فاطمة رضي الله عنه بأنها
سيدة نساء العالمين.

ورأت فاطمة ما برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
من الكرب الشديد الذي يتغشاه فقالت
واكرب أباه
فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم.

ودعا الحسن والحسين فقبلهما
وأوصى بهما خيراً
ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن.
وطفق الوجع يشتد ويزيد

وأوصى الناس، فقال: الصلاة الصلاة
وما ملكت أيمانكم كرر ذلك مراراً.

الرفيق الاعلى
الاختصار

وبدأ الاحتضار فأسندته عائشة رضي الله عنه إليها
وكانت تقول
إن من نعم اللَّه علي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري
وأن اللَّه جمع بين ريقي وريقه عند موته
دخل عبد الرحمن بن أبي بكر
وبيده السواك
وأنا مسندة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فرأيته ينظر إليه
وعرفت أنه يحب السواك
فقلت آخذه لك
فأشار برأسه أن نعم
فتناولته فاشتد عليه
وقلت: ألينه لك
فأشار برأسه أن نعم
فلينته، فأمره
وفي رواية أنه استن بها كأحسن ما كان مستناً
وبين يديه ركوة فيها ماء
فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه
يقول لا إله إلا اللَّه، إن للموت سكرات
وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو إصبعه
وشخص بصره نحو السقف
وتحركت شفتاه فأصغت إليه عائشة
وهو يقول مع الذين أنعمت عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين
اللهم اغفر لي وارحمني
وألحقني بالرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى.
كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً
ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى

وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ.
وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام.

تفاقم الأحزان على الصحابة

وتسرب النبأ الفادح، وأظلمت على أهل المدينة
أرجاؤها وآفاقها
وقال أنس ما رأيت يوماً قط كان أحسن
ولا أضوأ من يوم دخل علينا
فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
ولما مات قالت فاطمة يا أبتاه أجاب ربا دعاه
يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه.

موقف عمر رضي الله عنه

ووقف عمر بن الخطاب
وقد أخرجه الخبر عن وعيه
يقول... إن رجالاً من المنافقين يزعمون
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توفي
وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما مات
لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران
فغاب عن قومه أربعين ليلة
ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات
وواللَّه ليرجعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات.

موقف أبي بكر رضي الله عنه

وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح
حتى نزل، فدخل المسجد
فلم يكلم الناس
حتى دخل على عائشة
فتيمم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو مغشى بثوب حبرة
فكشف عن وجهه ثم أكب عليه
فقبله وبكى
ثم قال بأبي أنت وأمي
لا يجمع اللَّه عليك موتتين
أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها.
ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس
فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس
فأقبل الناس إليه
وتركوا عمر، فقال أبو بكر

أما بعد
من كان منكم يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم
فإن محمداً قد مات.
ومن كان منكم يعبد اللَّه
فإن اللَّه حي لا يموت

قال اللَّه
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ
فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)

قال ابن عباس
واللَّه لكأن الناس لم يعلموا أن اللَّه أنزل هذه الآية
حتى تلاها أبو بكر
فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشراً
من الناس إلا يتلوها.
قال ابن المسيب قال عمر واللَّه
ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها
فعقرت حتى ما تقلني رجلاي
وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها
علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات.

التجهيز وتوديع الجسد الشريف

ووقع الخلاف في أمر الخلافة
قبل أن يقوموا بتجهيزه صلى الله عليه وسلم
فجرت مناقشات ومجادلات
وحوار وردود بين المهاجرين والأنصار
في سقيفة بني ساعدة
وأخيراً اتفقوا على خلافة أبي بكر رضي اللَّه عنه
ومضى في ذلك بقية يوم الإثنين
حتى دخل الليل
وشغل الناس عن جهاز رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
حتى كان آخر الليل
ليلة الثلاثاء مع الصبح
وبقي جسده المبارك على فراشه مغشى بثوب حبرة
قد أغلق دونه الباب أهله.
ويوم الثلاثاء غسلوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
من غير أن يجردوه من ثيابه
وكان القائمون بالغسل العباس وعليا
والفضل وقثم ابني العباس
وشقران مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وأسامة بن زيد
وأوس بن خولي
فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه
وأسامة وشقران يصبان الماء
وعلي يغسله، وأوس أسنده إلى صدره.
ثم كفنوه في ثلاثة أثواب
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#96
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

تـــــــــم بحـــــــمد الله

الحمد لله الذي هدانا للاسلام وأعزنا به
فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
ولا نعبد إلا إياه
وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله
الحمد الذي أخرجنا من ظلمات الجهل
الى نور العلم
الغاية من هذا الموضوع هو مقارنة
هذا الزمن بغيره
والمقارنة ستفيدنا وستجعلنا
لا ننسى شكر الله على النعم
اللهم لك الحمد حتى ترضى
ولك الحمد إذا رضيت
ولك الحمد بعد الرضا

اسأل الله أن يمن علينا وعليكم بشكر نعمه
و حسن عبادته و دوام ذكره
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على ديننا
وأن يقينا وإياكم شر الفتن ما ظهر منها
وما بطن
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه
وأرنا الباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه

اللهم إن كان ما كتبتِ
و قلت صواباً فمنك وحدك لا شريك لك
و إن كان خطأ فمن نفسى والشيطان
وأسألك اللهم العفو و الغفران
و الله ولى التوفيق
 
#97
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

عذرا أخي
وحسب قوانين القسم الأسلامي
يغلق الموضوع لمخالفته شروط ((الاسناد)) ولعدم الاشارة لذالك
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.