قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#61
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

هيكل سليمان عليه السلام

من الأعمال التي قام بها سليمان عليه السلام
إعادة بناء المسجد الأقصى الذي
بناه يعقوب عليه السلام
من قبل.
وبنى بجانب المسجد الأقصى
هيكلا عظيما كان مقدسا عند اليهود
ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم.
وقد ورد في الهدي النبوي الكريم
أن سليمان عليه السلام
لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا فأعطاه الله اثنتين
ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة
سأله حكما يصادف حكمه
أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى
فأعطاه إياه
وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه
وسأله أيما رجل خرج من بيته
لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد
خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه
وأسأل الله أن تكون لنا.
وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل..
وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه
كان هيكل سليمان في أورشليم
هو مركز العبادة اليهودية
ورمز تاريخ اليهود
وموضع فخارهم وزهوهم..
وقد شيده الملك سليمان عليه السلام
وأنفق ببذخ عظيم على بنائه وزخرفته..
فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان.
وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة
إذ كان هدفا دائما للغزاة
والطامعين ينهبون ما به من كنوز
ثم يشيعون فيه الدمار
ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه
تحببا في اليهود..
فاستغرق بناء الهيكل هذه المرة 46 سنة
أصبح بعدها صرحا ضخما
تحيط به ثلاثة أسوار هائلة..
وكان مكونا من ساحتين كبيرتين
إحداهما خارجية والأخرى داخلية
وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة
تقوم على أعمدة مزدوجة من الرخام
وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين
وكانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية
من الهيكل ترتكز على 162 عمودا
كل منها من الضخامة بحيث
لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع
أن يحيطوا بدائرته..
وكان للساحة الخارجية من الهيكل
تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب..
وبوابة عاشرة مصبوبة كلها على الرغم
من حجمها الهائل من نحاس كونثوس.
وقد تدلت فوق تلك البوابات
كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة
من الذهب الخالص
وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل
حتى آخر زمانه
فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..
وفاته عليه السلام
قدر الله تعالى عليه الموت فمات..
ومثلما كانت حياة سليمان عليه السلام
قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق..
كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق..
وهكذا جاء موته منسجما مع حياته
متسقا مع مجده
جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.
لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام
بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب..
تلك الفكرة التي فتن الناس بها
فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..
كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي..
فلما مات انكسر تسخيرهم له
وأعفوا من تبعة العمل معه..
وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن
فظلوا يعملون له
وظلوا مسخرين لخدمته
ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب
ما لبثوا في العذاب المهين.
كان سليمان عليه السلام
متكئا على عصاه يراقب الجن
وهم يعملون
فمات وهو على وضعه متكئا على العصا..
ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم ومرت أيام طويلة..
ثم جاءت دابة الأرض
وهي نملة تأكل الخشب..
وبدأت تأكل عصا سليمان عليه السلام ..
فأكلت جزء من العصا..
استمرت النملة تأكل العصا أياما..
كانت تأكل الجزء الملامس للأرض
فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا
وسقطت من يد سليمان عليه السلام
اختل بعدها توازن الجسد العظيم
فهوى إلى الأرض..
ارتطم الجسد العظيم بالأرض
فهرع الناس إليه..
أدركوا أنه مات من زمن..
تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب..
وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا..
لو كان الجن يعلمون الغيب
ما لبثوا في العذاب المهين
ما لبثوا يعملون وهم يظنون
بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#62
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )


إلياس عليه السلام

أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم
إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة الاصنام

قال تعالى
(وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ
اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )

هذه الآيات هي كل ما يذكره الله تعالى
من قصة إلياس..
لذلك اختلف المؤرخون في نسبه
وفي القوم الذين أرسل إليهم..
فقال الطبري أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص
بن العيزار بن هارون..
أما ابن كثير فيقول أن إلياس والياسين
اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون
في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها

الروايات المختلفة حول دعوته

جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه
إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل
الى نبذ عبادة الأصنام
والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه
ولم يستجيبوا له
فدعا ربه فقال
اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك
والعبادة لغيرك فغير ما بهم من نعمتك فأوحي الله إليه
إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك
فقال إلياس عليه السلام
اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين
حتى هلكت الماشية والشجر
وجهد الناس جهداً شديداً
وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم
وكان يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل
كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا هنا إلياس فيطلبونه
وينال أهل المنزل منهم شر
وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها
ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته
واخفت أمره.
فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به
واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمة
فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس
قد أسن وكبر
وكان اليسع غلاماً شاباً ثم إن إلياس
قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام
دعوات الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم
ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم
فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا
عما كانوا عليه ولم يستقيموا
فلما رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

ويذكر ابن كثير

أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق
وأنه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا)
وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس
حين قال لقومه
( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ
وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)

ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء
ملك سليمان بن داود عليه السلام
انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين
الأول
يخضع لملك سلالة سليمان
والثاني
يخضع لاحد أسباط افرايم بن يوسف الصديق
وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد سليمان عليه السلام
بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة
وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم
فأرسل إليهم إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته
فما توفي إلياس عليه السلام
أوحي الله تعالى إلى أحد الأنبياء
واسمه اليسع عليه السلام ليقوم في نبي إسرائيل
فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.
وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة
والعلم عند الله
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#63
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

اليسع عليه السلام

ذكر في القرآن مرتين

قال تعالى
(وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ
وقال جل جلاله في سورة (الأنعام)
( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا
عَلَى الْعَالَمِينَ )

جاء في تاريخ الطبري حول ذكر نسبة
أنه اليسع بن أخطوب
ويقال أنه ابن عم إلياس النبي عليهما السلام
وذكر الحافظ ابن عساكر نسبة على الوجه الآتي
اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم
بن يوسف الصديق عليه السلام
وهو من أنبياء بني إسرائيل
وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته
فلم يذكر عنها شيئاً
وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام
الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً
قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس إلى جوار الله
فقام يدعو إلى الله مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس
وشريعته
وقد كثرت في زمانه الأحداث والخطايا
وكثر الملوك الجبابرة
فقتلوا الأنبياء وشردوا المؤمنين
فوعظهم اليسع وخوفهم من عذاب الله
ولكنهم لم يأبهوا بدعوته
ثم توفاه الله وسلط على بني إسرائيل
من يسومهم سوء العذاب
كما قص علينا القرآن الكريم
ويذكر بعض المؤرخين
أن دعوته في مدينة تسعى بانياس إحدى مدن الشام
ولا تزال حتى الآن موجودة
وهي قريبة من بلدة اللاذقية والله أعلم.

عزير عليه السلام

من أنبياء بني إسرائيل
أماته الله مئة عام ثم بعثه
جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة
مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين
وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل
فأراد الله أن يجدد دينهم
بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها
فبعث الله تعالى إليهم عزيرا عليه السلام
أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا عليه السلام
أن يذهب إلى قرية
فذهب إليها فوجدها خرابا
ليس فيها بشر.
فوقف متعجبا
كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر.
وقف مستغربا
ينتظر أن يحييها الله وهو واقف
لأنه مبعوث إليها
فأماته الله مئة عام
قبض الله روحه وهو نائم
ثم بعثه
فاستيقظ عزيرعليه السلام من نومه.
فأرسل الله له ملكا في صورة بشر
(قَالَ كَمْ لَبِثْتَ)

فأجاب عزير
(قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)
نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير.
فرد الملك
(قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ)
ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل
(فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)
أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة
فرآه سليما كما تركه
لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه
ثم أشار له إلى حماره
فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم
ثم بين له الملك السر في ذلك
(وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ)
ويختتم كلامه بأمر عجيب
(وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا)
نظر عزير للحمار
فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار
ثم بدأ اللحم يكسوها
ثم الجلد ثم الشعر
فاكتمل الحمار أمام عينيه.

يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف
(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

سبحان الله أي إعجاز هذا..
ثم خرج إلى القرية
فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس.
فسألهم
هل تعرفون عزيرا؟
قالوا
نعم نعرفه
وقد مات منذ مئة سنة
فقال لهم
أنا عزير
فأنكروا عليه ذلك
ثم جاءوا بعجوز معمّرة
وسألوها عن أوصافه
فوصفته لهم فتأكدوا أنه عزير.
فأخذ يعلمهم التوراة
فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد
وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز
الذي ظهر فيه
حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ)

واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير
واعتباره ابنا لله تعالى
ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم
وهذا من شركهم لعنهم الله.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#64
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )


زكريا عليه السلام

عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف
كفل مريم العذراء
دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة
فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة
لعبادة الله الواحد القهار.

امرأة عمران

في ذلك العصر القديم..
كان هناك نبي..
وعالم عظيم يصلي بالناس..
كان اسم النبي زكريا عليه السلام..
أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس
فكان اسمه عمران عليه السلام.
وكان لعمران زوجته لا تلد..
وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه
ويسقيه..
ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد..
وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد..
ورفعت يديها تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..
واستجابت لها رحمة الله
وملأها الفرح والشكر لله
فنذرت ما في بطنها محررا لله..
كان معنى هذا أنها نذرت لله
أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته..
يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

ولادة مريم

وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا
وفوجئت الأم
كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة
فلما جاء المولود أنثى قررت الأم
أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.
سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران
والله يسمع ما نقوله
وما نهمس به لأنفسنا
وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله..
يسمع الله هذا كله ويعرفه..
سمع الله زوجة عمران
وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا
والله أعلم بما وضعت
الله هو وحده الذي يختار نوع المولود
فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى..
سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة
التي سمتها مريم
وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.

ويروي الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ
عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ
فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ »
ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
(وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)


كفالة زكريا عليه السلام لمريم
أثار ميلاد مريم بنت عمران
مشكلة صغيرة في بداية الأمر..
كان عمران قد مات قبل ولادة مريم..
وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم..
كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف..
أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم
وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.

قال زكريا عليه السلام
أكفلها أنا..
هي قريبتي..
زوجتي هي خالتها..
وأنا نبي هذه الأمة
وقال العلماء والشيوخ
ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟
لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل
بغير اشتراكنا فيه.

ثم اتفقوا على إجراء قرعة

أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم
ويربيها، ويكون له شرف خدمتها
حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله
وأجريت القرعة..
وضعت مريم وهي مولودة على الأرض
ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها
وأحضروا طفلا صغيرا
فأخرج قلم زكريا..
قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.
قال العلماء والشيوخ: لا..
القرعة ثلاث مرات.
وفي القرعة الثانية..
حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي
وقالوا
نلقي بأقلامنا في النهر..
من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.
وألقوا أقلامهم في النهر
فسارت أقلامهم جميعا مع التيار
ما عدا قلم زكريا..
سار وحده ضد التيار..
وظن زكريا أنهم سيقتنعون
لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات
قالوا
نلقي أقلامنا في النهر..
القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم
وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار
ما عدا قلم زكريا عليه السلام
وسلموا لزكريا عليه السلام
وأعطوه مريم ليكفلها..
وبدأ زكريا يخدم مريم
ويربيها ويكرمها حتى كبرت..
كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد..
كان لها محراب تتعبد فيه..
وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا..
يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة..
والذكر والشكر والحب لله..
وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب..
وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش..
يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء..
ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.
ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟
فتجيب مريم: إنه من عند الله..
وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.
دعاء زكريا ربه
كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه
واشتعل رأسه بالشعر الأبيض
وأحس أنه لن يعيش طويلا..
وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله
ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر..
وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث
علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه
ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته..
وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد..
حتى لزوجته..
ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال..
ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب..
فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.

سألها زكريا
(قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)
(قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)

قال زكريا عليه السلام في نفسه
سبحان الله.. قادر على كل شيء..
وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية..
فدعا ربه
سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته
أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم..
وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده
ولم يبعث فيهم نبي..
فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له
فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة
وهو قائم يصلي في المحراب

(يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى
لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا)

فوجئ زكريا بهذه البشرى..
أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل..

(قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا
وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)

(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)

أن هذه مشيئة الله
وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ..
وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى..
كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد..
وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل
ولم يكن له وجود..
وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة

(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)

امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده..
وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة
فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام
لا يستطيع فيها النطق..
سيجد نفسه غير قادر على الكلام..
إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل
وأن معجزة الله قد تحققت..
وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس
عن طريق الإشارة..
وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..
وخرج زكريا يوما على الناس
وقلبه مليء بالشكر..
وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق..
وعرف أن معجزة الله قد تحققت..
فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء..
وهو يسبح الله في قلبه..
صلى لله شكرا على استجابته لدعوته
ومنحه يحيي..
ظل زكريا عليه السلام
يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#65
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

يحيى عليه السلام

ابن نبي الله زكريا
استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة
فجعل آية مولده
أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا
وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين
كما كان بارا تقيا منذ صباه.

ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة

نبي الله زكريا عليه السلام
وقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له
من قبل شبيها ولا مثيلا
وهو النبي الذي قال الحق عنه

(وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)

ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله
أوتي يحيي حنانا من لدن الله
والعلم مفهوم
والحنان هو العلم الشمولي
الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات
ورحمة بها
كأن الحنان درجة من درجات الحب
الذي ينبع من العلم.
ولقد كان يحييعليه السلام
في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك
والزهد والحب الإلهي..
هو النبي الناسك كان يضيء حبا لكل الكائنات
وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش
والصحاري والجبال

فضل يحيى عليه السلام

يذكر العلماء فضل يحيي عليه السلام
معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم
(ابن خالة أمه)
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
فقال عيسى ليحيي
استغفر لي يا يحيي..
أنت خير مني.
قال يحيي
استغفر لي يا عيسى
أنت خير مني.
قال عيسى
بل أنت خير مني..
سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه
يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج على أصحابه يوما
فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل
موسى كليم الله.
وقال قائل
عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل
إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء
فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام
حين رآهم لا يذكرون يحيي.
أين الشهيد ابن الشهيد؟
يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب.
أين يحيي بن زكريا؟
ولد يحيي عليه السلام..
كان ميلاده معجزة..
فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال
حتى يئس الشيخ من الذرية..
وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة
عن دنيا الأطفال..
كان معظم الأطفال يمارسون اللهو
أما هو فكان جادا طوال الوقت..
كان يحيي عليه السلام
يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها
وحنانا عليها
ويبقى هو بغير طعام..
أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه
وامتلأ قلبه بالحكمة
وحب الله والمعرفة والسلام
وكان يحيي يحب القراءة
وكان يقرأ في العلم من طفولته..
فلما صار صبيا نادته رحمة ربه

(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)

صدر الأمر ليحيي عليه السلام
وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة
بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام
كتاب الشريعة..
رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة
والقضاء بين الناس وهو صبي..
كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه
درس الشريعة دراسة كاملة
ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي..
كان يحكم بين الناس
ويبين لهم أسرار الدين
ويعرفهم طريق الصواب
ويحذرهم من طريق الخطأ.
وكبر يحيي عليه السلام
فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه
والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار..
حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة..
كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب
وكان يدعو الله لهم..
ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي
أو يتمنى له الضرر.
كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله..
وكان يحيي إذا وقف بين الناس
ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع..
وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات
وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..

مواجهة الملك

كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل
يستبد برأيه
وكان الفساد منتشرا في بلاطه..
وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي
فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر
وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه
حيث أعجبه جمالها
وشجعتها أمها على ذلك
وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم.
فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام
فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك.
لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس
تحريم زواج البنت من عمّها
حتى يعلم الناس إن فعلها الملك
أن هذا انحراف
فغضب الملك وأسقط في يده
فامتنع عن الزواج.
لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك
وفي إحدى الليالي الفاجرة
أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك
لنفسهن فأبت وقالت
إلا أن تتزوجني
قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى
قالت
ائتني برأس يحيى مهرا لي
وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار
رأس يحيى له.
فذهب الجنود ودخلوا على يحيى
وهو يصلي في المحراب.
وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك
فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#66
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

عيسى عليه السلام

هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وهو الذي بشر بالنبي محمد صل الله علية وسلم
أيده الله بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين
كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين
كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا
ويبرئ الأكمه والأبرص
ويخرج الموتى كل بإذن الله
دعا قومه لعبادة الله الواحد الأحد
ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه
ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه
رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض
ليكون شهيدا على الناس.
الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام
يستدعي الحديث عن أمه مريم
بل وعن ذرية آل عمران هذه الذرية
التي اصطفاها الله تعالى واختارها
كما اختار آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين.
آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم
وامرأة عمران أم مريم
ومريم وعيسى عليه السلام
فعمران جد عيسى لأمه
وامرأة عمران جدته لأمه
وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه
وكانت زوجته امرأة عمران امرأة صالحة كذلك
وكانت لا تلد
فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا
ونذرت أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس
فاستجاب الله دعاءها
ولكن شاء الله أن تلد أنثى هي مريم
وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا عليه السلام
وهو زوج خالتها
وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا
وعملا صالحا.
كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى
وأسبغ الله تعالى عليها فضله ونعمه مما لفت أنظار الآخرين
فكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها المحراب
وجد عندها رزقا
فيسألها من أين لك هذا، فتجيب

(قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)

كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى
حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه المرأة الطاهرة النقية
دون أن يكون له أب كسائر الخلق

واستمع إلى بداية القصة كما أوردها القرآن الكريم
قال تعالى

(وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)

بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله يختارها
ويطهرها ويختارها ويجعلها على رأس نساء الوجود..
هذا الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد..
هي أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات
وخلق الآخرة..
وعادت الملائكة تتحدث

(يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ )

ولادة عيسى عليه السلام

كان الأمر الصادر بعد البشارة أن تزيد من خشوعها
وسجودها وركوعها لله..
وملأ قلب مريم إحساس مفاجئ
بأن شيئا عظيما يوشك أن يقع..

ويروي الله تعالى في القرآن الكريم
قصة ولادة عيسى عليه السلام فيقول

(وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً شَرقِياً
فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا
رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً
قَالَت إِني أَعُوذُ بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً
قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً
قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً
قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ
وَرَحمَةً منا وَكَانَ أَمراً مقضِياً )

جاء جبريل عليه السلام لمريم
وهي في المحراب على صورة بشر في غاية الجمال
فخافت مريم وقالت
(إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا)
أرادت أن تحتمي في الله..
وسألته هل هو إنسان طيب يعرف الله ويتقيه
فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه

(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)
اطمئنت مريم للغريب
لكن سرعان ما تذكّرت ما قاله

(لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)

استغربت مريم العذراء من ذلك..
فلم يمسسها بشر من قبل..
ولم تتزوج
ولم يخطبها أحد، كيف تنجب بغير زواج!!
فقالت لرسول ربّها

(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)

قال الروح الأمين
(كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ
وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا)
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#67
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين..
ألم يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟
وكل شيء ينفذ إذا أمر الله..
لكن المعجزة تقع عندما يريد الله تعالى أن تقع..
عاد جبريل عليه السلام يتحدث

(إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)

نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم
الجيب هو شق الثوب الذي يكون في الصدر
فحملت فورا.
ومرت الأيام..
خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد..
إنها تحس أن شيئا سيقع اليوم..
لكنها لا تعرف حقيقة هذا الشيء..
قادتها قدماها إلى مكان يمتلئ بالشجر..
والنخل، مكان لا يقصده أحد لبعده..
مكان لا يعرفه غيرها..
لم يكن الناس يعرفون أن مريم حامل..
وإنها ستلد..
كان المحراب مغلقا عليها
والناس يعرفون أنها تتعبد فلا يقترب منها أحد..
جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة
لم تكن نخلة كاملة، إنما جذع فقط
لتظهر معجزات الله سبحانه وتعالى
لمريم عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها..
كانت تشعر بألم.. والألم يتزايد ويجيء في مراحل متقاربة..
وبدأت مريم تلد..

فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ

(قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا )


(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ
أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا
فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا )

فأكلت وشربت ولفت الطفل في ملابسها..
كان الوقت عصرا حين عادت مريم..
وكان السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى المسجد
يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع والشراء
لم تكد مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس
أنها تحمل طفلا، وتضمه لصدرها
وتمشي به في جلال وبطئ..

تسائل أحد الفضوليين

أليست هذه مريم العذراء..؟
طفل من هذا الذي تحمله على صدرها..؟
قال أحدهم
هو طفلها
ترى أي قصة ستخرج بها علينا..؟

وجاء كهنة اليهود يسألونها..

ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟
هو ابنك قطعا..
كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟

(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)

أشارت بيدها لعيسى عليه السلام ..
واندهش الناس..
فهموا أنها صائمة عن الكلام
وترجو منهم أن يسألوه هو كيف جاء..
تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون السؤال
لطفل ولد منذ أيام..
هل يتكلم طفل ..؟!

قالوا لمريم
(كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)

قال عيسى عليه السلام

(قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيًّا
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )

لم يكد عيسى عليه السلام
ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار
شاحبة..
كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة..
هذا طفل يتكلم في مهده..
طفل جاء بغير أب..
طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا..
هذا يعني إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار..
سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا الطفل..
لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس
إن مجرد مجيء المسيح يعني إعادة الناس
إلى عبادة الله وحده..
وهذا معناه إعدام الديانة اليهودية الحالية..
واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم..
اتهموها بالبغاء..
رغم أنهم عاينوا بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد.
وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى
إلى مصر
بينما تخبرنا روايات أخرى بأن هجرتها كانت
من بيت لحم لبيت المقدس.
إلا أن المعروف لدينا هو أن هذه الهجرة كانت قبل بعثته.

معجزاته

(وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ
وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم
أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ
فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ
والأبرَصَ وَأُحي المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم
بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ فِى بُيُوتِكُم
إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ
وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ وَلأحِل
لَكُم بَعضَ الذِي حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم
فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ
إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ )

فكان عيسى عليه السلام رسولا لبني إسرائيل
ومعجزاته هي

علّمه الله التوراة
يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه
فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.
يعالج الأكمه
(وهو من ولد أعمى)
فيمسح على عينيه أمامهم فيبصر.
يعالج الأبرص
(وهو المرض الذي يصيب الجلد فيجعل لونه أبيضا)
فيسمح على جسمه فيعود سليما.
يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم
وما أعدّت لهم زوجاتهم من طعام.
وكان عليه السلام يحيي الموتى. باذن الله
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#68
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

إيمان الحواريون

جاء عيسى عليه السلام
ليخفف عن بني إسرائيل
بإباحة بعض الأمور التي حرمتها التوراة
عليهم عقابا لهم
إلا أن بني إسرائيل مع كل هذه الآيات
كفروا

قال تعالى
(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي
إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ
آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ
فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )

وقال تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي
إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ
فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ
وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا
عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ )

قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا
لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا اثني عشر رجلا
آمن الحواريون
لكن التردد لا يزال موجودا في نفوسهم

قال الله تعالى قصة هذا التردد
(إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء
قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا
وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً
مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا
وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ
فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ )

استجاب الله عز وجل
لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية
التي جاءت تلبية لطلبهم
نزلت المائدة
وأكل الحواريون منها
وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى عليه السلام
إلا رجل واحد كفر
بعد رفع عيسى عليه السلام.
رفع عيسى عليه السلام
لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه السلام
خاف رهبان اليهود أن يتبع الناس الدين الجديد
فيضيع سلطانهم.
فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم.
وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود
وسيأخذ المُلك منك.
فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى عليه السلام ليقتله.
جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى
عليه السلام إلى السماء
عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله
خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد
أن يلقي الله عليه شبهه فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة.
فقام شاب فحنّ عليه عيسى عليه السلام
لأنه لا يزال شابا.
فسألهم مرة ثانية، فقام نفس الشاب.
فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام
ورفع الله عيسى أمام أعين الحواريين إلى السماء
وجاء اليهود وأخذوا الشبه وقتلوه ثم صلبوه.
ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم.
ثم أطلقوهم خشية أن يغضب الناس.
فظل الحواريون يدعون بالسر.
وظل النصارى على التوحيد أكثر من مئتين سنة.
ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه قسطنطين

وقال تعالى عن رفعه
(وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ
لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً
بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً
وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ
قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً )

وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا
رسولنا الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول
(فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى
و يصلي عليه المسلمون)
لا بد أن يذوق الإنسان الموت
عيسى لم يمت وإنما رفع إلى السماء
لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان.
ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد
هو حواره مع عيسى عليه السلام

يوم القيامة فيقول
(وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ
اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن دُونِ اللهِ
قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ
مَا لَيسَ لِي بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ
فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي
وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ
مَا قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللهَ
رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً
ما دُمتُ فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ عَلَيهِم
وَأَنتَ عَلَى كُل شَىء شَهِيدٌ
إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ
وَإِن تَغفِر لَهُم فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )

هذا هو عيسى بن مريم عليه السلام
آخر الرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#69
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

هو محمد صلى الله عليه وسلم

سيد الخلق ، وأفضل الرسل ، وخاتم الأنبياء
الذي أحاطته الرعاية الربانية ، والعناية الإلهية منذ الصغر
بحيث تميّزت طفولته عن بقيّة الناس
وكان ذلك من تهيئة الله له للنبوّة .
ففي صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول
من عام الفيل
وُلد أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة
وفي أشرف بيت من بيوتها
فقد اصطفاه الله من بني هاشم
واصطفى بني هاشم من قريش
واصطفى قريشاً من سائر العرب

قال صلى الله عليه وسلم
( إن الله خلق الخلق ، فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين
فجعلني في خير فرقة
وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة
وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً
فأنا خيركم بيتاً ، وخيركم نفساً )
رواه أحمد

ونسبه صلى الله عليه وسلم من أطهر الأنساب
حيث لم يختلط بشيءٍ من سفاح الجاهليّة
وتمتدّ أصول هذه الطهارة حتى تصل إلى آدم عليه السلام
وقد نشأ صلى الله عليه وسلم يتيماً
حيث توفّي والده عند أخواله في المدينة قبل مولده
فتولى أمره جدّه عبد المطلب
الذي اعتنى به أفضل عناية
وشمله بعطفه واهتمامه
واختار له أكفأ المرضعات
فبعد أن أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب
دفع به إلى حليمة السعدية
فقضى النبي صلى الله عليه وسلم
الأيّام الأولى من حياته في بادية بني سعد
ليلقى من مرضعته حليمة كل عناية
مع حرصها على بقائه عندها حتى بعد إكمال السنتين
لما رأت من البركة التي حلّت عليها بوجوده صلى الله عليه وسلم
حيث امتلأ صدرها بالحليب بعد جفافه
حتى هدأ صغارها وكفّوا عن البكاء جوعاً
وكانت ماشيتها في السابق لا تكاد تجد ما يكفيها من الطعام
فإذا بالحال ينقلب عند مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى زاد وزنها وامتلأت ضروعها باللبن
ومن أجل ذلك تحايلت حليمة لإقناع
والدة النبي صلى الله عليه وسلم
بضرورة رجوعه إلى البادية بحجّة الخوف عليه
من وباء مكّة .
وهكذا أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
سنواته الأولى في بني سعد
فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان
معتمداً على نفسه ، حتى كانت السنة الرابعة من مولده
حين كان صلى الله عليه وسلم يلعب مع الغلمان
وقت الرعي

فجاءه جبريل عليه السلام

فأمسكا به وشقّا صدره
ثم استخرجا قلبه
وأخرجا منه قطعة سوداء

فقال جبريل عليه السلام
" هذا حظ الشيطان منك "

ثم غسلا قلبه وبطنه في وعاء من ذهب بماء زمزم
ثم أعاده إلى مكانه
والغلمان يشاهدون ذلك كلّه
فانطلقوا مسرعين إلى مرضعته وهم يقولون
" إن محمداً قد قُتل، وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يرتعد من الخوف
فخشيت حليمة أن يكون قد أصابه مكروهٌ
فأرجعته إلى أمّه

وقالت لها " أدّيت أمانتي وذمّتي "

ثم أخبرتها بالقصّة ، فلم تجزع والدته لذلك

وقالت لها
" إني رأيت خرج مني نورٌ أضاءت منه قصور الشام "

وبهذه الحادثة الكريمة
نال صلى الله عليه وسلم
شرف التطهير من حظ الشيطان ووساوسه
ومن مزالق الشرك وضلالات الجاهليّة
مع ما فيها من دلالةٍ على الإعداد الإلهيّ للنبوّة
والوحي منذ الصغر .
ومكث النبي صلى الله عليه وسلم
في مكّة يتربّى في أحضان والدته
ولما بلغ عمره ست سنين توفيت أمه في قريةٍ يُقال لها

" الأبواء " بين مكّة والمدينة

فعوّضه جدّه عبدالمطلب حنان والديه
وقرّبه إليه وقدّمه على سائر أبنائه
وفي يومٍ من الأيام أرسل عبدالمطلب
النبي صلى الله عليه وسلم
للبحث عن ناقة ضائعة
فتأخّر في العودة حتى




ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم

قال له
" يا بني ، لقد جزعت عليك جزعاً لم أجزعه على شيء
قط ، والله لا أبعثك في حاجةٍ أبداً
ولا تفارقني بعد هذا أبداً "

واستمرّت هذه الرعاية طيلة سنتين
حتى توفّي عبدالمطلب وللنبي صلى الله عليه وسلم
ثمان سنين
فكفله عمّه أبو طالب وقام بحقه خير قيام
وقدمه على أولاده ، واختصّه بمزيد احترام وتقدير
ولم يزل ينصره ويبسط عليه حمايته
ويُخاصم من أجله طوال أربعين سنة
حتى توفّي قبيل الهجرة بثلاث سنين

ومن هنا نرى كيف توالت الأحزان

في طفولة النبي صلى الله عليه وسلم
وتركت أثرها في قلبه
وهو جزءٌ من التقدير والحكمة الإلهيّة
في إعداد هذا النبي الكريم
حتى لا يتأثّر بأخلاق الجاهلية القائمة
على معاني الكبر والاستعلاء
فكانت تلك الأحزان سبباً في رقّة قلبه واكتسابه لمكارم الأخلاق

حتى صدق فيه وصف خديجة رضي الله عنه
" يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم ، ويُقري الضيف
ويُعين على نوائب الحق "
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#70
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه
إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غنماً
رعاها في بني سعد
وفي الخامسة والعشرين من سنه
خرج تاجراً إلى الشام في مال خديجة رضي اللَّه عنها
قال ابن إسحاق كانت خديجة بنت خويلد
امرأة تاجرة ذات شرف ومال
تستأجر الرجال في مالها
وكانت قريش قوماً تجاراً فلما بلغها
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما بلغها
من صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه
بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها
إلى الشام تاجراً
مع غلام لها يقال له ميسرة
فقبله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها
وخرج في مالها ذلك
وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام.
ولما رجع إلى مكة
ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة
ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها ميسرة
بما رأى فيه صلى الله عليه وسلم من شمائل كريمة
وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين
فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية
ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة
فرضي بذلك
وكلم أعمامه، فذهبوا إلى عم خديجة
وخطبوها إليه
وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة
وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسباً وثروة وعقلاً
وهي أول امرأة تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم
ولدت له أولاً القاسم
وبه كان يكنى - ثم زينب ورقية، وأم كلثوم وفاطمة
وعبد اللَّه، وكان عبد اللَّه يلقب بالطيب والطاهر
ومات بنوه كلهم في صغرهم
أما البنات فكلهن أدر كن الإسلام
إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم
سوى فاطمة رضي اللَّه عنها
فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به.

ولخمس وثلاثين سنة من مولده صلى الله عليه وسلم
قامت قريش ببناء الكعبة

ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن
يمتاز بشرف وضعه في مكانه
واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً
واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب في أرض الحرم
إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي
عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول
داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه
وشاء اللَّه أن يكون ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فلما رأوه هتفوا هذا الأمين
رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم
وأخبروه الخبر طلب رداء فوضع الحجر وسطه
وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء
وأمرهم أن يرفعوه حتى إذا أوصلوه إلى موضعه
أخذه بيده، فوضعه في مكانه
وهذا حل حصيف رضي به القوم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان
قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات
وكان طرازاً رفيعاً من الفكر الصائب
والنظر السديد، ونال حظاً وافراً من حسن الفطنة
وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف
وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل
واستكناء الحق
فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل مما ذبح على النصب
ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً
بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة
حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها
وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز في قومه
بشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة
وأحسنهم خلقاً، وأعزهم جواراً، وأعظمهم حلماً
وأصدقهم حديثاً، وأعفهم نفساً، وأكرمهم خيراً
وأبرهم عملاً، وأوفاهم عهداً
وآمنهم أمانة حتى سماه قومه

"الأمين"

لما جمع فيه من الأحوال الصالحة
ولما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين
فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء
في جبل النور على مبعدة
وهو غار طوله أربع أذرع
وعرضة ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع
فيقيم فيه شهر رمضان
يطعم من جاءه من المساكين
ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون
وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفاً
من تدبير اللَّه له وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم
وهكذا دبر اللَّه لمحمد صلى الله عليه وسلم
وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى
وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ...

أنزل إليه جبريل بآيات من القرآن.
ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي اللَّه تعالى عنها
تروي لنا قصة هذه الوقعة

قالت عائشة رضي اللَّه عنها

أول ما بدىء به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
من الوحي هي الرؤيا الصادقة في النوم
فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
ثم حبب إليه الخلاء
وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه
وهو التعبد
الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله
ويتزود لذلك
ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها
حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك
فقال
اقرأ فقلت ما أنا بقارىء
قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد
ثم أرسلني
فقال
اقرأ
فقلت ما أنا بقارىء
فأخذني فغطني الثالثة
ثم أرسلني
فقال
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ)
فرجع بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال
زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع
فقال لخديجة ما لي وأخبرها الخبر
لقد خشيت على نفسي
فقالت خديجة كلا
واللَّه ما يخزيك اللَّه أبداً
إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم
وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق
فانطلقت به خديجة
حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى
ابن عم خديجة
وكان امرءاً تنصر في الجاهلية
وكان يكتب الكتاب العبراني
فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء اللَّه أن يكتب
وكان شيخاً كبيراً
فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك
فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى
فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله اللَّه على موسى
يا ليتني فيها جذعا
ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟
قال
نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي
وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً
وعرف صلى الله عليه وسلم معرفة اليقين
أنه أضحى نبياً للَّه الكبير المتعال
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#71
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

جاء جبريل عليه السلام للمرة الثاني
روى البخاري عن جابر بن عبد اللَّه أنه سمع
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يحدث عن فترة الوحي
قال
"فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء
فرفعت بصري قبل السماء
فإذا الملك الذي جاءني
قاعد على كرسي بين السماء والأرض
فجشثت منه حتى هويت إلى الأرض
فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني
فزملوني

فأنزل اللَّه تعالى
"يأيها المدثر" إلى قوله "فاهجر"

تلقى النبي صلى الله عليه وسلم أوامر عديدة
في قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ)

وقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً
لم يسترح ولم يسكن
ولم يعش لنفسه ولا لأهله
قام وظل قائماً على دعوة اللَّه يحمل
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
على عاتقه العبء الثقيل والأمانة الكبرى
في هذه الأرض، عبء البشرية كلها
وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى
عاش في المعركة الدائبة المستمرة
أكثر من عشرين عاماً
لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد
منذ أن تلقى التكليف الرهيب
وفد قريش إلى أبي طالب
قال ابن إسحاق مشى رجال من أشراف قريش
إلى أبي طالب
فقالوا
يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا
وعاب ديننا، وسفه أحلامنا
وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا
وإما أن تخلي بيننا وبينه
فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه
فنكفيكه
فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً
وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه
ومضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
على ما هو عليه
يظهر دين اللَّه ويدعو إليه.
وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخر
وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أشهر معدودة
حتى قرب موسم الحج
وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم
فرأت أنه لا بد من كلمة يقولونها للعرب
في شأن محمد صلى الله عليه وسلم
حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب
فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة
يتداولون في تلك الكلمة
فقال لهم الوليد أجمعوا فيه رأياً واحداً
ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً
ويرد قولكم بعضه بعضاً
وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار
أخذوا في تنفيذه
لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
والذي تولى ذلك هو أبو لهب
فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يتبع الناس ويدعوهم إلى اللَّه
وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابىء كذاب
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم
بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
ولما رأت قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم
لا يصرفه عن دعوته هذا ولا ذاك
فكروا مرة أخرى واختاروا
لقمع هذه الدعوة أساليب تتلخص فيما يأتي
السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك
قصدوا بها تخذيل المسلمين
وتوهين قواهم المعنوية
فرموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم هازلة
وشتائم سفيهة
فكانوا ينادونه بالجنون

(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)

ويصفونه بالسحر والكذب

(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ
هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)

وكانوا يشيعونه ويستقبلونه
بنظرات متلهمة ناقمة
وعواطف منفعلة هائجة

(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ
وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)

وكان إذا جلس وحوله المستضعفون
من أصحابه استهزأوا بهم وقالوا

(أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا)

قال تعالى

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)

وكانوا كما قص اللَّه علينا

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ
وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ)

إثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة
حول ذاته وشخصيته
والإكثار من كل ذلك بحيث
لا يبقى للعامة مجال في تدبر دعوته
فكانوا يقولون عن القرآن

(أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا)
(إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ)

وكانوا يقولون عن الرسول صلى الله عليه وسلم

(مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ
وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ)

وروى ابن إسحاق بسنده
قال اعترض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو يطوف بالكعبة
الأسود، المطلب بن أسد بن عبد العزى
والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي
فقالوا
يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد
فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد
كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيراً
مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه

فأنزل اللَّه تعالى فيهم
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ)
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#72
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية
إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز
وهما
الدور المكي
ثلاث عشرة سنة تقريباً
الدور المدني
عشر سنوات كاملة
ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل
لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها
ويظهر ذلك في الظروف
التي مرت بها الدعوة خلال الدورين
ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل
مرحلة الدعوة السرية ثلاث سنين
مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة
من بداية السنة الرابعة من النبوة
إلى أواخر السنة العاشرة
مرحلة الدعوة خارج مكة
إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

أما مراحل الدور المدني
فسيجيء تفصيلها في موضعه
المرحلة الأولى
جهاد الدعوة
ثلاث سنوات من الدعوة السرية
معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب
وكان بها سدنة الكعبة
والقوام على الأوثان والأصنام المقدسة
عند سائر العرب
فالوصول إلى المقصود من الإصلاح فيها
يزداد عسراً وشدةً عما لو كان بعيداً عنها
فالأمر يحتاج إلى عزيمة
لذا كان من الحكمة أن تكون الدعوة في
بدء أمرها سرية
لئلا يفاجأ أهل مكة بما يهيجهم.
فدعاهم إلى الإسلام
ودعا إليه كل من توسم فيه خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه
يعرفهم بحب الحق والخير
ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح
فأجابه من هؤلاء
الذين لم تخالجهم ريبة قط
في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم
وجلالة نفسه وصدق خبره
وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم
أم المؤمنين خديجة بنت خويلد
ومولاه زيد ابن ثابت بن شرحبيل الكلبي
وابن عمه علي بن أبي طالب
وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم
وصديقه الحميم أبو بكر الصديق
أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة.
ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام
وكان رجلاً محبباً ذا خلق ومعروف
وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه
لعلمه وتجارته وحسن مجالسته
فأسلم بدعائه عثمان بن عفان الأموي
والزبير بن العوام الأسدي
وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص
وطلحة بن عبيد اللَّه التيمي
فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس
هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.
ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي
ثم تلاهم أبو عبيدة عامر بن الجراح
وأبو سلمة بن عبد الأسد
والأرقم ابن أبي الأرقم
وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد اللَّه
وعبيدة بن الحارث
وسعيد بن زيد العدوي
وامرأته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب
وخباب بن الأرت
وعبد اللَّه بن مسعود الهذلي
وأولئك هم السابقون الأولون
وهم من جميع بطون قريش
أسلم هؤلاء سراً
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفياً لأن الدعوة كانت
لا تزال فردية وسرية
وكان الوحي قد تتابع وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر
وكانت الآيات التي تنزل في هذا الزمان آيات قصيرة
مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية
وخلال هذه الفترة
تكونت جماعة من المؤمنين
تقوم على الأخوة والتعاون وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها
ثم تنزل الوحي يكلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمهاجمة أصنامهم

قوله تعالى
(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)

وأول ما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بعد نزول هذه الآية أنه دعا بني هاشم فحضروا
ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف
فكانوا خمسة وأربعين رجلاً
فبادره أبو لهب وقال
وهؤلاء هم عمومتك وبنو عمك
فتكلم ودع الصُّباة واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة
وأنا أحق من أخذك
فحسبك بنو أبيك
وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر
عليهم من أن يثب بك بطون قريش
وتمدهم العرب
فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر
مما جئت به
فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية
وقال الحمد للَّه أحمده وأستعينه
وأومن به
وأتوكل عليه
وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له
ثم قال
إن الرائد لا يكذب أهله واللَّه الذي لا إله إلا هو
إني رسول اللَّه إليكم خاصة
وإلى الناس عامة
واللَّه لتموتن كما تنامون
ولتبعثن كما تستيقظون
ولتحاسبن بما تعملون
وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً
فقال أبو طالب ما أحب إلينا معاونتك
وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقاً لحديثك.
وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون
وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب
فامض لما أمرت به
فواللَّه لا أزال أحوطك وأمنعك
غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين
عبد المطلب
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#73
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

فقال أبو لهب هذه واللَّه السوأة
خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم
فقال أبو طالب واللَّه لنمنعه ما بقينا.
وبعد ما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد
أبي طالب بحمايته
وهو يبلغ عن ربه
قام يوماً على الصفا ينادي يا بني فهر
فاجتمع إليه بطون قريش
فدعاهم إلى التوحيد والإيمان برسالته وباليوم الآخر
وقد روى البخاري طرفاً من هذه القصة
عن ابن عباس، قال
لما نزلت

(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)

صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا
فجعل ينادي يا بني فهر...!
يا بني عدي لبطون قريش
حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو؟
فجاء أبو لهب وقريش
فقال
أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي
تريد أن تغير عليكم
أكنتم مصدقي؟
قالوا نعم
ما جربنا عليك إلا صدقاً
قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب تباً لك سائر اليوم
ألهذا جمعتنا؟
فنزلت

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)

(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ)

فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يعكر على خرافات الشرك ويذكر حقائق الأصنام
وما لها من قيمة في الحقيقة
انفجرت مكة بمشاعر الغضب والاستنكار
حين سمعت صوتاً يجهر بتضليل المشركين
وعباد الأصنام
قال ابن إسحاق مشى رجال من أشراف قريش
إلى أبي طالب فقالوا
يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا
وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا
فإما أن تكفه عنا
وإما أن تخلي بيننا وبينه
فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه
فنكفيكه
فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً
وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه
ومضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
على ما هو عليه
يظهر دين اللَّه ويدعو إليه.
وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخر
وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أشهر معدودة
حتى قرب موسم الحج
وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم
فرأت أنه لا بد من كلمة يقولونها للعرب
في شأن محمد صلى الله عليه وسلم
حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب
وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار
أخذوا في تنفيذه فجلسوا بسبل الناس
حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد
إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
والذي تولى ذلك هو أبو لهب
فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يتبع الناس إذا وافى الموسم في منازلهم
وفي عكاظ ومجنة وذي المجاز
يدعوهم إلى اللَّه
وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه
فإنه صابىء كذاب.
وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم
بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
ولما رأت قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم
لا يصرفه عن دعوته هذا ولا ذاك
فكروا مرة أخرى واختاروا
لقمع هذه الدعوة أساليب تتلخص فيما يأتي
السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب
قصدوا بها تخذيل المسلمين
وتوهين قواهم المعنوية
فرموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم هازلة
وشتائم سفيهة
فكانوا ينادونه بالجنون

(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)

ويصمونه بالسحر والكذب

(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)

وكانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظرات متلهمة ناقمة
وعواطف منفعلة هائجة

(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِ
هِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)

وكان إذا جلس وحوله المستضعفون
من أصحابه استهزأوا بهم وقال

(أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا)

قال تعالى
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)

وكانوا كما قص اللَّه علينا

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ
وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ)

ومضت على ذلك أسابيع وشهور
وهم مقتصرون على هذه الأساليب
لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب
ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب
لا تجدي لهم نفعاً في كف الدعوة الإسلامية
اجتمعوا مرة أخرى
وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة وعشرون رجلاً
من سادات قريش
رئيسها أبو لهب
وبعد التشاور والتفكر اتخذت هذه اللجنة قراراً حاسماً
ضد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وضد أصحابه
فقررت محاربة الإسلام
وإيذاء رسوله
وتعذيب الداخلين فيه
والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام.
اتخذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#74
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

أما بالنسبة إلى المسلمين
ولا سيما المستضعفين منهم
فكان ذلك سهلاً جداً
وأما بالنسبة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فإنه كان رجلاً شهماً وقوراً ذا شخصية فذة
تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث
لا يقابل مثلها إلا بالإجلال والتشريف
ومع ذلك كان في منعة أبي طالب
وأبو طالب من رجال مكة المعدودين
كان معظماً في أصله
معظماً بين الناس
إن هذا الوضع أقلق قريشاً وأقامهم وأقعدهم
ولكن إلام هذا الصبر الطويل أمام دعوة
تتشوف إلى القضاء على زعامتهم الدينية
وصدارتهم الدنيوية.
وبدأوا الاعتداءات ضد النبي صلى الله عليه وسلم
وعلى رأسهم أبو لهب
فقد اتخذ موقفه
من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول
قبل أن تهم قريش بذلك
وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم
في مجلس بني هاشم
وقد ورد في بعض الروايات أنه
حينما كان على الصفا
أخذ حجراً ليضرب به النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم
في موسم الحج والأسواق لتكذيبه
وكانت امرأة أبي لهب
أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان
لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت تحمل الشوك
وتضعه في طريق
النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلاً
وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها
وتطيل عليه الافتراء والدس
وتؤجج نار الفتنة
وتثير حرباً على النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب.
ولما سمعت ما نزل فيها
وفي زوجها من القرآن
أتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو جالس في المسجد عند الكعبة
ومعه أبو بكر الصديق
وفي يدها فهر أي بمقدار ملء الكف من حجارة
فلما وقفت عليهما أخذ اللَّه ببصرها
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت
يا أبا بكر أين صاحبك؟
قد بلغني أنه يهجوني
واللَّه لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه
أما واللَّه إني لشاعرة
ثم قالت
مذمماً عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا
ثم انصرفت
فقال أبو بكر يا رسول اللَّه أما تراها رأتك؟
فقال
ما رأتني
لقد أخذ اللَّه ببصرها عني
كان أبو لهب يفعل كل ذلك
وهو عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وجاره كان بيته ملصقاً ببيته
كما كان غيره من جيران رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يؤذونه وهو في بيته.
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه

وفيه نزل
(ويل لكل همزة لمزة)

وكان الأخنس بن شريق الثقفي
ممن ينال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه
وهي في قوله تعالى

(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ
هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)

وكان أبو جهل يجيء أحياناً إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
يسمع منه القرآن ثم يذهب عنه
فلا يؤمن ولا يطيع
ولا يتأدب ولا يخشى ويؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالقول
ويصد عن سبيل اللَّه
ثم يذهب مختالاً بما يفعل
فخوراً بما ارتكب من الشر
كأنما فعل شيئاً يذكر
وفيه نزل

(فلا صدَّق ولا صلى)

وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة
منذ أول يوم رآه يصلي في الحرم
ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال
يا محمد ألن أنهك عن هذا
وتوعده فأغلظ له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وانتهره
فقال
يا محمد بأي شيءٍ تهددني؟
أما واللَّه إني لأكثر هذا الوادي نادياً
فأنزل فليدع ناديه
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم
أخذ بخناقه وهزه وهو يقول له

(أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى)

فقال عدو اللَّه أتوعدني يا محمد
واللَّه لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً
وإني لأعز من مشى بين جبليها
ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار
بل ازداد شقاوة فيما بعد
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#76
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعاً من التعذيب
ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش
والسادات ألواناً من الاضطهاد
وكن بلال مولى أمية بن خلف
فكان أمية يضع في عنقه حبلاً
ثم يسلمه إلى الصبيان
يطوفون به في جبال مكة
حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه
وكان أمية يشده شداً ثم يضربه بالعصا
وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس
كما كان يكرهه على الجوع
وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه
إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة
ثم يأمر بالصخرة العظيمة
فتوضع على صدره
ثم يقول لا واللَّه لا تزال هكذا حتى تموت
أو تكفر بمحمد
وتعبد اللات والعزى فيقول
وهو في ذلك أحد، أحد
حتى مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون ذلك به
فاشتراه بغلام أسود
وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه.
وكان عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه
مولى لبني مخزوم
أسلم هو وأبوه وأمه
فكان المشركون وعلى رأسهم أبو جهل
يخرجونهم إلى الرمضاء فيعذبونهم
ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم
وهم يعذبون
فقال
صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة
فمات ياسر في العذاب
وطعن أبو جهل سمية أم عمار
في قبلها بحربة فماتت
وهي أول شهيدة في الإسلام
وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة
وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى
وبالتغريق أخرى
وقالوا
لا نتركك حتى تسب محمداً
أو تقول في اللات والعزى خيراً
فوافقهم على ذلك مكرهاً
وجاء باكياً معتذراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأنزل اللَّه

(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ)

وقائمة المعذبين في اللَّه طويلة ومؤلمة جداً
فما من أحد علموا بإسلامه
إلا تصدوا له وآذوه.

كان من الحكمة تلقاء هذه الاضطهادات
أن يمنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسلمين
عن إعلان إسلامهم قولاً أو فعلاً
وأن لا يجتمع بهم إلا سراً

لأنه إذا اجتمع بهم علناً فلا شك أن المشركين
يحولون بينه وبين ما يريد من تزكية المسلمين
وتعليمهم الكتاب والحكمة
وربما يفضي ذلك إلى مصادمة الفريقين
بل وقع ذلك فعلاً في السنة الرابعة من النبوة
وذلك أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
كانوا يجتمعون في الشعاب
فكان عامة الصحابة يخفون إسلامهم وعبادتهم
ودعوتهم واجتماعهم
أما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فكان يجهر بالدعوة والعبادة
لا يصرفه عن ذلك شيء
ولكن كان يجتمع مع المسلمين سراً
نظراً لصالحهم وصالح الإسلام
وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي
على الصفا
وكانت بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم
فكان اتخذها مركزاً لدعوته
ولاجتماعه بالمسلمين من السنة الخامسة من النبوة.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#77
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

كانت بداية الاضطهادات في أواسط
أو أواخر السنة الرابعة من النبوة
بدأت ضعيفة وتفاقمت في أواسط السنة الخامسة
حتى نبا بهم المقام في مكة
وأوعزتهم أن يفكروا في حيلة تنجيهم
من هذا العذاب الأليم
و نزلت سورة الكهف
ردوداً على أسئلة أدلى بها المشركون
إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ولكنها اشتملت على ثلاث قصص
فيها إشارات بليغة من اللَّه تعالى إلى عباده
المؤمنين
فقصة أصحاب الكهف ترشد إلى الهجرة
من مراكز الكفر والعدوان
حين مخافة الفتنة على الدين
متوكلاً على اللَّه

(وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ
فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ
وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا)

وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قد علم أن النجاشي ملك الحبشة ملك عادل
لا يظلم عنده أحد
فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة
وفي رجب سنة خمس من النبوة
هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة
كان مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة
رئيسهم عثمان بن عفان
ومعه السيدة رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما
إنهما
أول بيت هاجر في سبيل اللَّه

بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام.
كان رحيل هؤلاء تسلالاً في ظلمة الليل
حتى لا تفطن لهم قريش
وأقام المسلمون في الحبشة في أحسن جوار
وفي رمضان من نفس السنة
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرم
وهناك جمع كبير من قريش
كان فيه ساداتها فقام فيهم
وأخذ يتلو سورة النجم
إن أولئك الكفار لم يكونوا سمعوا كلام اللَّه قبل ذلك
لأن أسلوبهم المتواصل
كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً


(لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)
ثم قرأ (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)

لم يتمالك أحد نفسه حتى خر ساجداً
وقد توالى عليهم اللوم والعتاب من كل جانب
ممن لم يحضر هذا المشهد من المشركين
وعند ذلك كذبوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وافتروا عليه أنه عطف على أصنامهم بكلمة تقدير
وأنه قال عنها
"تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى"
جاءوا بهذا الإفك المبين
ليعتذروا عن سجودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم
وليس يستغرب هذا من قوم كانوا يؤلفون الكذب
ويطيلون الدس والافتراء.
بلغ هذا الخبر إلى مهاجري الحبشة
ولكن في صورة تختلف تماماً عن صورته الحقيقية بلغهم أن قريشاً أسلمت
فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة
فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار
وعرفوا الأمر رجع منهم من رجع إلى الحبشة
ولم يدخل في مكة من سائرهم أحد إلا متخفياً
أو في جوار رجل من قريش.
ثم اشتد عليهم وعلى المسلمين البلاء والعذاب
من قريش
وسطت بهم عشائرهم
فقد كان صعباً على قريش ما بلغها عن النجاشي
من حسن الجوار
وكانت هذه الهجرة الثانية أشق
فقد تيقظت لها قريش وقررت إحباطها
بيد أن المسلمين كانوا أسرع
ويسر اللَّه لهم السفر
فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن يدركوا.
ارسل المشركين لملك الحبشه ...
الهدايا المستطرفة للنجاشي ولبطارقته
وبعد أن ساق الرجلان تلك الهدايا إلى البطارقة
وقدما له الهدايا
وقالوا له
أيها الملك
إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء
فارقوا دين قومهم
لم يدخلوا في دينك
وجاؤوا بدين ابتدعوه
لا نعرفه نحن ولا أنت
وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم
من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم
لتردهم إليهم
رأى النجاشي أنه لا بد من تمحيص القضية
وسماع أطرافها جميعاً
فأرسل إلى المسلمين
ودعاهم، فحضروا
وكانوا قد أجمعوا على الصدق كائناً ما كان
فقال لهم النجاشي
ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم
ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل
قال جعفر بن أبي طالب
وكان هو المتكلم عن المسلمين
أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية
نعبد الأصنام ونأكل الميتة
ونأتي الفواحش
ونقطع الأرحام ويأكل منا القوي الضعيف
فكنا على ذلك
حتى بعث اللَّه إلينا رسولاً منا
نعرف نسبه وصدقه وأمانته
فدعانا إلى اللَّه لنوحده ونعبده
ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا
من دونه من الحجارة والأوثان
وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة
وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء
ونهانا عن الفواحش
وقول الزور، وأكل مال اليتيم
وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد اللَّه وحده
لا نشرك به شيئاً
وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام
فعدد عليه أمور الإسلام
فصدقناه، وآمنا به
واتبعناه على ما جاءنا به من دين اللَّه
فعبدنا اللَّه وحده
فلم نشرك به شيئاً
وحرمنا ما حرم علينا
وأحللنا ما أحل لنا
فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا
ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة اللَّه تعالى
فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا
وحالوا بيننا وبين ديننا
خرجنا إلى بلادك
ورغبنا في جوارك
ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي
هل معك مما جاء به عن اللَّه من شيء
فقال له جعفر
نعم
فقال له النجاشي
فاقرأه عليّ فقرأ
(كهيعص)
فبكى واللَّه النجاشي حتى اخضلت لحيته
ثم قال لهم النجاشي

إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة
فلا واللَّه لا أسلمهم إليكما ولا يكادون
يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه
فخرجا
وقال عمرو بن العاص لعبد اللَّه بن ربيعة
واللَّه لآتينهم غداً عنهم بما أستأصل به خضراءهم
فقال له عبد اللَّه بن ربيعة لا تفعل
فإن لهم أرحاماً وإن كانوا قد خالفونا
ولكن أصر عمرو على رأيه.
فلما كان الغد
قال للنجاشي أيها الملك إنهم يقولون
في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً
فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح ففزعوا
ولكن أجمعوا على الصدق
كائناً ما كان
فلما دخلوا عليه
وسألهم قال له جعفر
نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم
هو عبد اللَّه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فأخذ النجاشي عوداً من الأرض
ثم قال
واللَّه ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت بطارقته
فقال وإن نخرتم واللَّه.
ثم قال للمسلمين
اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي
والشيوم الآمنون بلسان الحبشة
من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم
ما أحب أن لي دبراً من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم
والدبر الجبل بلسان الحبشة.
ثم قال لحاشيته
ردّوا عليهما هداياهما
فلا حاجة لي بها
فواللَّه ما أخذ اللَّه مني الرشوة حين رد علي ملكي
فأخذ الرشوة فيه
وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه.
قالت أم سلمة التي تروي هذه القصة
فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما
ما جاء به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#78
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

أخفقت حيلة المشركين
وفشلت مكيدتهم
رأوا أن يواجهوا أبا طالب في هذا الصدد.
جاءت سادات قريش إلى أبي طالب
فقالوا له
يا أبا طالب إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا
واللَّه لا نصبر على هذا من شتم آبائنا
وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا
حتى تكفه عنا
أو ننازله وإياك في ذلك
حتى يهلك أحد الفريقين.
عظم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد
فبعث إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني
فقالوا لي كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك
ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق
فظن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أن عمه خاذله وأنه ضعُف عن نصرته

فقال
يا عم واللَّه لو وضعوا الشمس في يميني
والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر
حتى يظهره اللَّه أو أهلك فيه
ما تركته

ثم استعبر وبكى
وقام فلما ولى ناداه أبو طالب
فلما أقبل قال له اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت
فواللَّه لا أسلمك لشيء أبداً.

واللَّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى
أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وأبشر وقر بذاك منك عيونا
ولما رأت قريش أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ماض في عمله عرفت أن أبا طالب
قد أبى خذلان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فذهبوا إليه وقالوا له يا أبا طالب
أسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك
ودين آبائك
وفرق جماعة قومك وسفه أحلامه
فنقتله
فقال
واللَّه لبئس ما تسومونني
فكرة الطغاة في إعدام النبي صلى الله عليه وسلم
وبعد فشل قريش وخيبتهم في الوفادتين
عادوا إلى ضراوتهم وتنكيلهم
بأشد مما كان قبل ذلك
وخلال هذه الأيام نشأت فكرة إعدامه صلى الله عليه وسلم بطريق أخرى
وكانت هذه الفكرة هي التي كانت سبب
في تقوية الإسلام ببطلين جليلين من أبطال مكة
وهما حمزة بن عبد المطلب
وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما.
أن عتيبة بن أبي لهب أتى يوماً
إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال
أنا أكفر بـ (النجم إذا هوى)
و (بالذي دنا فتدلى)
ثم تسلط عليه بالأذى
وشق قميصه
وتفل في وجهه صلى الله عليه وسلم
إلا أن البزاق لم يقع عليه

وحينئذ دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم
وقال
اللهم سلط عليه كلباً من كلابك
وقد استجيب دعاؤه صلى الله عليه وسلم

فقد خرج عتيبة مرة في نفر من قريش
حتى نزلوا في مكان من الشام يقال له الزرقاء
فطاف بهم الأسد تلك الليلة
فجعل عتيبة يقول يا ويل أخي
هو واللَّه آكلي كما دعا محمد عليّ
قتلني وهو بمكة
وأنا بالشام فعدا عليه الأسد
من بين القوم وأخذ برأسه فذبحه.
ومنها ما ذكر أن عقبة بن أبي معيط وطىء
على رقبته الشريفة وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان.
ومما يدل على أن طغاتهم كانوا يريدون
قتله صلى الله عليه وسلم
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#79
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

اسلام حمزة رضي اللَّه عنه

خلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم
والطغيان أضاء برق نور
ألا وهو إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه
أسلم في أواخر السنة السادسة من النبوة
والأغلب أنه أسلم في شهر ذي الحجة
وسبب إسلامه أن أبا جهل
مر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوماً
عند الصفا فآذاه ونال منه
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساكت لا يكلمه
ثم ضربه أبو جهل بحجر في رأسه فشجه
حتى نزف منه الدم
ثم انصرف عنه إلى نادي قريش عند الكعبة
فجلس معهم
وكانت مولاة لعبد اللَّه بن جدعان
في مسكن لها على الصفا ترى ذلك
وأقبل حمزة من القنص متوشحاً قوسه
فأخبرته المولاة بما رأت من أبي جهل
فغضب حمزة رضي الله عنه
وكان أعز فتى في قريش وأشده
فخرج يسعى
لم يقف لأحد
معداً لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به
فلما دخل المسجد قام على رأسه
وقال له يا مصفر استه
تشتم ابن أخي وأنا على دينه
ثم ضربه بالقوس فشجه شجة منكرة
فثار رجال من بني مخزوم
حي أبي جهل
وثار بنو هاشم حي حمزة
فقال أبو جهل
دعوا أبا عمارة فإني سببت ابن أخيه سباً قبيحاً.

وكان إسلام حمزة أول الأمر
ثم شرح اللَّه صدره
فاستمسك بالعروة الوثقى
واعتز به المسلمون أيما اعتزاز.

إسلام عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه

وخلال هذا الجو الملبد بسحائب الظلم
والطغيان أضاء برق آخر
ألا وهو إسلام عمر بن الخطاب
أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة
بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي اللَّه عنه
يبدو أن نزول الإسلام في قلبه كان تدريجاً
ولكن قبل أن نسوق خلاصتها
نرى أن نشير إلى ما كان يتمتع به رضي اللَّه عنه
من العواطف والمشاعر
كان رضي اللَّه عنه معروفاً
بحدة الطبع وقوة الشكيمة
في إسلامه رضي اللَّه عنه
أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته
فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة
والنبي صلى الله عليه وسلم
قائم يصلي وقد استفتح سورة

"الحاقة"

فجعل عمر يستمع إلى القرآن
قال
فقلت أي في نفسي هذا واللَّه شاعر
كما قالت قريش قال
فقرأ

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ)

قال قلت كاهن
قال

(وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ
تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

إلى آخر السورة
قال فوقع الإسلام في قلبي.
كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه
لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية
والعصبية التقليدية
والتعاظم بدين الآباء غالبة على مخ الحقيقة
التي كانت يتهمس بها قلبه
فبقي مجداً في عمله ضد الإسلام
غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة.
وكان من حدة طبعه وفرط عداوته
لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أنه خرج يوماً متوشحاً سيفه يريد القضاء
على النبي صلى الله عليه وسلم
فلقيه رجل من بني زهرة
أو رجل من بني مخزوم فقال
أين تعمد يا عمر؟
قال
أريد أن أقتل محمداً
قال كيف تأمن من بني هاشم
ومن بني زهرة لو قتلت محمداً
فقال له عمر ما أراك إلا قد صبوت
وتركت دينك الذي كنت عليه
قال أفلا أدلك على العجب
يا عمر إن أختك قد صبوا وتركا دينك
الذي أنت عليه
فمشى عمر دامراً حتى أتاهما
وعندهما خباب بن الأرت
معه صحيفة فيه (طه)
يقرئهما إياها
وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن
فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت
وسترت فاطمة أخت عمر الصحيفة
وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت
قراءة خباب إليهما
فلما دخل عليهما قال
ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟
فقالا ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا
قال
فلعلكما قد صبوتما
فقال له
يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟
فوثب عمر عليه فوطئه وطأً شديداً.
فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده
فدمى وجهها
وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها
فقالت
وهي غضبى يا عمر إن كان الحق في غير دينك
أشهد أن لا إله إلا اللَّه
وأشهد أن محمداً رسول اللَّه.
فلما يئس عمر
ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحى
وقال
أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه
فقالت أخته إنك رجس
ولا يمسه إلا المطهرون
فقم فاعتسل
فقام فاغتسل
ثم أخذ الكتاب
فقرأ
(بسم اللَّه الرحمن الرحيم)
فقال أسماء طيبة طاهرة

ثم قرأ (طه) حتى انتهى إلى قوله
(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)

فقال
ما أحسن هذا الكلام وأكرمه
دلوني على محمد.
فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت
فقال: أبشر يا عمر
فإني أرجو أن تكون
دعوة الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في الدار التي في أصل الصفا.
فأخذ عمر سيفه فتوشحه
ثم انطلق حتى أتى الدار
فضرب الباب
فقام رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشحاً السيف
فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
واستجمع القوم
فقال لهم حمزة ما لكم
قالوا
عمر فقال
وعمر افتحوا له الباب
فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له
وإن كان جاء يريد شراً قتلناه بسيفه
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
داخل يوحى إليه فخرج إلى عمر
فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف
ثم جذبهُ جذبةً فقال
أما أنت منتهياً يا عمر
حتى ينزل اللَّه بك من الخزي
والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة
اللهم هذا عمر بن الخطاب
اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب
فقال عمر
أشهد أن لا إله إلا اللَّه
وأنك رسول اللَّه
وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين بالذلة
والهوان
وكسا المسلمين عزة وشرفاً وسروراً.
وكان ابن مسعود رضي اللَّه عنه
يقول ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر.
وعن صهيب بن سنان الرومي رضي اللَّه عنه
قال
لما أسلم عمر ظهر الإسلام
ودعي إليه علانية
وجلسنا حول البيت حِلقاً
 

البروفيسور

مشرف أقسام الفوتوشوب و الشباب
#80
رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )

وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين
حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما
أخذت السحائب تتقشع
وأفاق المشركون من النكال والعذاب من المسلمين
وحاولوا مساومة مع النبي صلى الله عليه وسلم
ليكفوه عن دعوته
ولم يكن يدري هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس
لا يساوي جناح بعوضة أمام دعوته
فخابوا وفشلوا فيما أرادو
تغيّرت مجرى الظروف وتبدلت الأوضاع والأحوال
ولكن أبا طالب لم يزل يتوجس من المشركين
على ابن أخيه
إنه كان ينظر في الحوادث الماضية
كان أبو طالب يتدبر في هذه الحوادث
ويشم منها رائحة شر يرجف له فؤاده
وتأكد عنده أن المشركين عازمون على قتل ابن أخيه
تأكد ذلك عند أبي طالب
ولم يكن إلا حقاً
فإنهم كانوا قد أجمعوا على
أن يقتلوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علانية

وإلى هذا الإجماع إشارة في قوله تعالى
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ)

خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الشعب
أما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه
لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه
وكانت الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات
لا سيما حصار الشعب
قد وهنت وضعفت وكسرت صلبه
وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب
قال ابن إسحاق وغيره لما اشتكى أبو طالب
وبلغ قريشاً ثقله
قالت قريش بعضها لبعض إن حمزة وعمر قد أسلما
وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها
فانطلقوا بنا إلى أبي طالب
فليأخذ على ابن أخيه، وليعطه منا
واللَّه ما نأمن أن يبتزونا أمرنا
وفي لفظ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب
يقولون تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه
توفي ابو طالب
وكانت وفاته في رجب سنة عشر من النبوة
بعد الخروج من الشعب بستة أشهر
وقيل
توفي في شهر رمضان
قبل وفاة خديجة رضي اللَّه عنها بثلاثة أيام.

وفي الصحيح عن المسيب أن أبا طالب لما حضرته الوفاة
دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم
وعنده أبو جهل
فقال: أي عم
قل لا إله إلا اللَّه
كلمة أحاج لك بها عند اللَّه
فقال أبو جهل وعبد اللَّه بن أبي أمية يا أبا طالب
ترغب عن ملة عبد المطلب؟
فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لأستغفرن لك ما لم أنه عنك

فنزلت
(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)

ونزلت (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)

ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من الحياطة
والمنع فقد كان الحصن الذي تحتمي به الدعوة الإسلامية
ولكنه بقي على ملة الأشياخ من أجداده
وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام
على اختلاف القولين

توفيت أم المؤمنين خديجة رضي اللَّه عنها

كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة
ولها خمس وستون سنة
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
إذ ذاك في الخمسين من عمره
إن خديجة كانت من نعم اللَّه الجليلة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه
وتؤازره في أحرج أوقاته
وتعينه على إبلاغ رسالته
وتشاركه في مغارم الجهاد المر
وتواسيه بنفسها ومالها

يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
"آمنت بي حين كفر بي الناس
وصدقتني حين كذبني الناس
وأشركتني في مالها حين حرمني الناس
ورزقني اللَّه ولدها
وحرم ولد غيرها"
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم
فقال
يا رسول اللَّه هذه خديجة
قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب
فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها
وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.


تراكم الأحزان

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة
فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه
فقد تجرأوا عليه
بعد موت أبي طالب
فازداد غماً على غم حتى يئس منهم
وخرج إلى الطائف
رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه وينصروه على قومه
فلم ير من يؤوي ولم ير ناصراً
وآذوه مع ذلك أشد الأذى ونالوا منه ما لم ينله قومه.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.